‏إظهار الرسائل ذات التسميات إعرف عدوك. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات إعرف عدوك. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 10 نوفمبر 2013

من الأسلحة الشيطانية: الموسيقى والغناء، التزيين وتغيير المسميات والذكر والنسيان



توقفنا في المرة السابقة عند سلاح من أخطر الأسلحة التي يستخدمها الشيطان ضدنا ليضيع به أعمالنا وهو الغضب والآن سنبدأ في إكمال باقي الأسلحة .
                                    
السلاح السادس : الموسيقى والغناء .

قال الله تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } (6) سورة لقمان ، ولقد قيل إن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث ولقد كان من أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام بشراء مغنية لتُسمع الناس الغناء وتذهب إلى كل من أراد أن يستمع إلى القرآن لتغني له ، فتصرفه بهذا عن سماع القرآن ، وهذه سياسة مستمرة إلى وقتنا الحالي ، وستظل مادامت السموات والأرض ، وهي سياسة تصرفك عن سماع القرآن أو تدبره أو فهمه إلى سماع الأغاني والموسيقى ، ولذلك ليس من العجيب أن تجد الكثير من الشباب يستمع إلى الأغاني كلما واتته الفرصة وينصرف عن سماع القرآن ، وإن استمع للقرآن لا يستطيع تدبره أو يتأثر به ، وكأن على قلبه غشاوة ، وتجده أيضا يتخذ المغنيين والمغنيات قدوة له ، وبئست القدوة .

وحينما سُئل ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن تلك الآية قال : نزلت في الغناء وأشباهه ، ويذكر أيضا أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه سُئل عن هذه الآية المذكورة ؟ فقال : هو الغناء والذي لا إله إلا هو ، وظل يرددها ثلاث مرات ، وقال أيضا أن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع ، فإن كان عبد الله بن مسعود الذي كان من أعلم الصحابة بالقرآن ، يقول هذا عن الغناء ، فهل تقدر الآن خطورة الغناء على قلبك وبالتالي على دينك ؟ .

ومما قاله ابن القيم الجوزية – رحمه الله – في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان معلقا على هذه الآية ومتحدثا عن أهل الذم في هذه الآية الذين سيستحقون العذاب المهين :

 والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم ، فإنه رقية الزنا ، ومنبت النفاق ، وشَرَك الشيطان ، وخمرة العقل ، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، وإذا عرف هذا ، فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن ، وإن لم ينالوا جميعه ، فإن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مستكبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقرا ، وهو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم ، فلهم حصة ونصيب من هذا الذم يوضحه أنك لا تجد أحدا عنى بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علما وعملا ، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء بحيث إذا عرض له سماع الغناء وسماع القرآن عدل عن هذا إلى ذاك وثقل عليه سماع القرآن وربما حمله الحال على أن يسكت القارىء ويستطيل قراءته ويستزيد المغني ويستقصر نوبته ، وأقل ما في هذا أن يناله نصيب وافر من هذا الذم إن لم يحظ به جميعه ، والكلام في هذا مع من قلبه بعض حياة يحس بها ، فأما من مات قلبه وعظمت فتنته فقد سد على نفسه طريق النصيحة : { وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (41) سورة المائدة .

وأقول لكل شاب وفتاة استشكل عليهم أمر الغناء والموسيقى ، فهم في حيرة من أمرهم ، أن يقرؤا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ، فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ] رواه البخاري ، وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم [ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ ] رواه أحمد والترمذي ، واعلم أنه لا يجتمع الغناء والقرآن في قلب واحد فإنك إن ازدت سماعا للأغاني وحبا لها ولأهلها ، فإنك يقينا تبتعد عن القرآن وعن أهله ، وإن ازدت حبا للقرآن وسماعا له فأنت يقينا تبتعد عن الأغاني وأهلها ، وعليك الإختيار بين أن تكون من أهل أهل القرآن أم من أهل الغناء ؟ ، واعلم أنهما لا يجتمعان أبدا ، فلا تخدع نفسك ولا تسمح للشيطان بأن يخدعك .

وأخيرا ، أحب أن أوضح أن بعض الناس يستدرجهم الشيطان لينشغلوا بالأناشيد الإسلامية – التي لا موسيقى فيها – عن القرآن ، فليحذر كل منا بألا يصرفه الشيطان عن القرآن بأي صارف مهما كان .

ولقد ابتلينا هذه الأوقات بأناشيد أو أغاني يقال أنها تخلوا من الموسيقى وتحتوي مؤثرات بشرية فقط، ولكنك إن استمعت إليها كأنك تستمع إلى الموسيقى ومثل هذه الأناشيد أو الأغاني لا يحل سماعها أيضا لأن تأثيرها على النفس كتأثير الموسيقى تماما فانظر كيف يضلل الشيطان الناس .

السلاح السابع : التزيين وتغيير المسميات .

قال تعالى { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } (14) سورة آل عمران .

التزيين : هو إضفاء نوع من الزينة على الشيء ليظهر بغير حقيقته ، وهذه من أهم وظائف الشيطان ، فهو سيزين لك المرأة التي تراها في الشارع مثلا ، أو زميلتك في العمل ، محاولا بذلك استدراجك لأشياء أخرى ، بل إنه قد يزين لك العمل الفاسد لتراه حسنا ، فمثلا يقول للنساء إخلعن حجابكن فإنكن بدونه أجمل ، أو يقول للشاب عليك بالزنا ومصاحبة الفتيات فهذه رجولة !! وهكذا واقرأ معي قول الله تعالى { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } (8) سورة فاطر .

والتزيين لا يجب أن يكون على معصية بذاتها ولكن قد يكون على شيء من المباحات مثل الأولاد ، أو يزين لك الأموال وكثرتها ، أو يزين لك السيارات ، فما منا من أحد إلا وهناك شيء من هذه الأشياء الواردة في الآية إلا وتمثل له اهتمامه الأول ، فلعلك تجد شابا منشغلا بأنواع السيارات وأيهم أسرع وأيهم أجمل ، وتجد آخر منشغلا بالنساء ، ومبتلى بهن ، وتجد آخر يهيم شوقا لأن ينجب أولادا ، وآخر يفكر في أن تكون له مزرعة وماشية وأنعاما ، والغرض الأول من التزيين هو أن يصرفك عن الآخرة ، فتنشغل بجمع الأموال وقضاء الشهوات ، واللعب مع الأولاد عن العمل لآخرتك ، فتخرج إلى الآخرة وليس معك زاد ، فتهلك .

أما عن تغيير المسميات فحدث ولا حرج ، فاستخدام ذلك السلاح بدأ منذ بداية الصراع بين آدم عليه السلام وإبليس ومازال يُستخدم إلى الآن ، قال تعالى واصفا ما قاله إبليس لآدم عليه السلام { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى } (120) سورة طـه ، فإبليس سمى الشجرة بشجرة الخلد وهي التي حرم الله على آدم أن يقربها ، فسماها بالخلد وذلك ليشجع آدم على أن يعصي ربه ، والتغيير يكون على أمران لا ثالث لهما : إما يُغير اسم المعصية وإما يغير اسم الطاعة .

أما تغيير اسم المعصية : فإنه يأتي ليصف لك المعصية بوصف غير حقيقتها ، وذلك لتسهيل المعصية وتشجيع الناس عليها ، فمثلا يصف الخمر بأسماء غير اسمها فيقول لك إنها ليست خمرا بل وسكي أو بيرة وهكذا ، حتى أنك لتجد أنواعا من الشيكولاته يمكن أن تُسكر من يأكلها لاحتوائها على مواد مُسْكرة وهذه أيضا خمرا ، بل تطور الأمر ليصف بعض الناس الخمر بأنها مشاريب روحية ، وكأنها تبعث على الإيمان وتنقي الروح وكذبوا وخدعهم الشيطان ، ولقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا فقال [ لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ] رواه أحمد وغيره ، وأبدع ما قيل في وصف الخمر قول ربنا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (90) سورة المائدة ، فالخمر هي قذارة وشر وليست مشاريب روحية ، وينضم إليها الميسر وهو القمار ، ولقد تعدد صوره الآن ، فالمسابقات الرياضية التي يتم فيها أخذ أموال من الفرق المشاركة ومن يفز فيها يأخذ هذه الأموال يُعد ذلك قمارا وميسرا ، والمسابقات التلفزيونية التي تسأل الناس أسئلة تافهة أو لا تسألهم ، وكل ما عليهم هو الاتصال ، فهذا أيضا من القمار المحرم ، والنبي حدد لنا ما يجوز المسابقة عليه في قوله [ لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ ] رواه أحمد وغيره ، فلا مسابقة إلا في الخيل أو ركوب الإبل أو الرماية ، ويدخل في ذلك مسابقات حفظ القرآن مثلا ، وأي مسابقة فيها نفع للدين ، ولأهل العلم تفصيل في هذا الأمر .
 
وليست الخمر فقط هي من تم تغيير اسمها ، بل الزنا أيضا ليصبح زواجا عرفيا ، ومشاهدة أفلام الزنا لتصبح تعليما ، والتدخين ليصبح رجولة ونضجا ، والتبرج ليصبح حرية شخصية ، والحجاب ليصبح احتشام ، والفاحشة جهارا نهارا أمام الناس وعلى الشاشات لتصبح فنا ومن يفعلونها يكونوا فنانين ، والكذب ليصبح أبيضا وأسودا ، والنفاق ليصبح مجاملة ، والرشوة لتصبح إكرامية ومساعدة ، وهكذا .

أما تغيير اسم الطاعة : فإن الغرض منه هو أن تكرهها فتبتعد عنها ، وذلك بإظهار الطاعة على أنها شيء يضرك ، فمثلا يقولون على النقاب بأنه خيمة وهو الذي كان من لبس أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، ويقولون على الشاب الذي عاش عمره في طاعة الله بأنه شاب خام ومعقد ، وكأنه أساء إلى نفسه بأنه طائع لله ، ويقولون على الفتاة التي لا تسمح لنفسها بمصاحبة الشباب - كما الأخريات يفعلن - بأنها فتاة معقدة ، ويقولون على الملتزمين بدين الله أنهم متشددون تارة ومتعصبون تارة ومتطرفون أو متزمتون تارة أخرى ، بل قد يصفون بعض أحكام الدين من أوامر ونواهي بأنها نتاج لمجتمع ذكوري ظالم للمرأة ، بل لعلهم يطلقون على أوامر الله ونواهيه بأنها تقاليد وعادات ، وهكذا يقولون ، فعلى كل لبيب أن يفهم كيف تسير الأمور من حوله وأن ينظر لكل شيء على حقيقته .

السلاح الثامن : الذِّكر والنسيان .

الشيطان سيذكرك بأشياء يجب عليك أن تنساها ، فمثلا سيذكرك دوما بأنك خسرت مالا في يوم كذا أو أنك ستخسر وظيفتك في المستقبل ، وذلك ليدخل على قلبك الحزن والهم ، فإن دخل الحزن والهم إلى قلبك ، أُصبت بشيء من الفتور فلا تعمل لآخرتك أو دنياك وتفقد همتك ، وهذا من أهم الأسلحة التي يستخدمها الشيطان ، وانظر لقول الله تعالى { إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } (10) سورة المجادلة ، أيضا قد يأتك الشيطان في الرؤيا ليحزنك بسببها فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم [ وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ] رواه مسلم ، فلا تسمح للشيطان أن يُحزنك وافعل كما كان النبي يفعل إذ كان يقول [ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ] رواه البخاري وغيره .

أيضا يذكرك بأشياء في غير وقتها فمثلا انظر لحالك وقت الصلاة ، ستجد أن الشيطان يذكرك بكل أمورك الخاصة بالدنيا ، فيذكرك بما تريد أن تعمله في عملك ، وماذا تفعل مع أهلك، وماذا حدث يوم كذا ، فتظل تذكر أشياءً أثناء الصلاة لم تكن تذكرها من قبل ، وذلك لأنك في صلاة ، فاستعذ بالله من الشيطان ، وانتبه لصلاتك .

أيضا إن قابلت شخصا معينا ذكرك بموقف حدث بينه وبينه قد أغضبك منه ، وذلك ليشعل البغضاء في قلبك تجاهه ، قال تعالى { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا } (53) سورة الإسراء ، فلتحذر أن يذكرك الشيطان بأشياء تفسد دينك ، واستعذ بالله .

وكذلك قد يذكرك بمعصية معينة قد فعلتها ، فيذكرك مثلا بتلك اللحظات التي قضيتها وأنت تدخن أو يذكرك بتلك اللحظات التي قضيتها في لذة محرمة ، وذلك ليشعل في قلبك الحنين لتلك المعصية ، ويمكن ملاحظة ذلك الأمر في الذين يتوبون عن ذنب معين ثم يعودون إليه ثم يتوبون ثم يعودون وهكذا ، فالشيطان يوقعهم باستخدام ذلك السلاح ، فكل ما عليك هو أن تُوقف هذا الأمر من بدايته وذلك بأن تستعذ بالله من الشيطان ، وألا تسترسل في التفكير في هذه اللحظات وألا تستجب لوساوس الشيطان .

أما عن النسيان فحدث ولا حرج ، فالشيطان سيحاول دوما أن يُنسيك الخير ، فهو سيُنسيك الذهاب إلى الصلاة وسينسيك صلة أرحامك ، وسيُنسيك أن تحفظ القرآن أو تتعلم الدين ، ولعله ينسيك إجابة لسؤال هام في إمتحان ما ، ولذا يقول لنا ربنا { وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا } (24) سورة الكهف ، فكلما نسيت شيئا أذكر الله وبإذن الله ستتذكره .

وحتى لا أطيل عليكم أكتفي بهذا القدر ، وسأكمل باقي الأسلحة في المقالة القادمة إن شاء الله تعالى.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السبت، 26 أكتوبر 2013

من الأسلحة الشيطانية: النساء، طول الأمل والغضب



توقفنا في المرة السابقة عند سلاح من أخطر الأسلحة التي يستخدمها الشيطان ضدنا ليضيع به أعمالنا وهو الرياء والآن سنبدأ في إكمال باقي الأسلحة .


السلاح الثالث : النساء .

 وهذا هو السلاح الأكثر خطورة على الرجال !! ، فلقد قال تعالى { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } (14) سورة آل عمران ، فقدم الله شهوة النساء على كل الشهوات التي في الدنيا لأنها الشهوة الأخطر ، ولقد قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم [ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ] متفق عليه ، فالنساء هن أشد امتحانا للرجال من أي شهوة أخرى غيرهن.

ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ] رواه مسلم وغيره ، وحلاوة الدنيا تكون في لذاتها وشهواتها ، والاستخلاف فيها هو الإبتلاء بما فيها من لذات وشهوات لينظر ربنا ماذا سنفعل فيها ، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بتجنب التهافت على الدنيا وشهواتها وأن ننشغل بالآخرة وأن نتجنب فتنة النساء ، وذلك بغض البصر وحفظ الجوارح عن الزنا ، ولكن كيف تكون هذه الفتنة ؟ .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ] رواه الترمذي وغيره ، فمعنى أن المرأة عورة أن الستر واجب في حقها فلا تتبرج ، ولا تكشف نفسها على الرجال ، واستشراف الشيطان لها هو تزيينه لها ، فيأمرها بأن تتعطر وهي خارجة من بيتها ، وتتبرج ، وإن كانت محجبة يأمرها بارتداء ما ضاق وجسّم ، ويزينها في أعين الرجال الناظرين إليها ، فقد تكون امرأة متواضعة الجمال ، ولكن الشيطان يزينها للرجال فينظرون إليها مفتونين بها .

حكى لي أحد الشباب ما يجده بعد أن يأخذ ما يريده من فتاة ما فيقول : قبل الزنا أجدني متلهفا عليها ، أريد إمتلاكها ، ولكن بعد الزنا  أسأل نفسي ما هذا الذي فعلته ؟ . فالشيطان يزين له المعصية فيرى أنه متلهفا على تلك الفتاة أو تلك ثم بعد أن يقع في المعصية ، تظهر له سوء المعصية بدون الزينة التي قد وضعها الشيطان على تلك الفتاة .

ومما يعجب له المرء منا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ، فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ، قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا ] رواه البخاري وغيره ، فالمرأة يمكن أن يستخدمها الشيطان سلاحا يفسد به دين الرجال من حولها بل إنك قد ترى رجلا قد تجاوز الأربعين من عمره مثلا ثم هو يُفتن بامرأة في العمل ، وربما كان ذلك الرجل من أهل الصلاح فالأمر لا يسلم منه إلا من ثبته الله واجتنب الفتن ، فبتبرجك أيتها المرأة ، وتعطرك ، وخضوعك بالقول ، وضحكك بصوت عالٍ ، كل ذلك يؤثر على الرجال الذين من حولك ، فلا تكوني عونا للشيطان عليهم واتق الله .

والمرأة يمكن أن يستخدمها الشيطان لإفساد دين امرأة مثلها ، فمثلا ترى فتيات محجبات يقعن في معاص كثيرة ، فتقرر فتاة غير محجبة أنها لن ترتدي الحجاب لأن المحجبات يفعلن كذا وكذا ، وأحيانا ترى أن الفتاة المحجبة حجابا شرعيا بحق ، تنظر للفتاة الغير محجبة - أو الغير ملتزمة بدين الله - بأنها مرغوبة من الرجال ، وأن الحجاب سيعيقها عن الزواج لأنها لم تأخذ فرصتها في إبراز حسنها مثل تلك الفتاة الغير محجبة ، فتكون الفتاة الغير محجبة بمثابة الداعية إلى خلع الحجاب بطريقة غير مباشرة .

ليست النساء كلهن يمكن أن يستخدمهن الشيطان كسلاح ضد الرجال ، ولكن منهن من يكن عونا للرجال والنساء على طاعة الرحمن ، ولهذا يستحققن أن يكن خير ما في هذه الدنيا ، واقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ] رواه مسلم وغيره ، فتلك المرأة الصالحة التي حازت جائزة خير ما في الدنيا ، يمكن لها أن تهدي رجلها وتعينه على الخير بإذن الله ، أو تهدي فتاة بإذن الله ، وتربي نشأ طائعا لله ، فيالها من امرأة ، المرأة الصالحة .

يا أيتها المرأة كوني للرجال عونا ، لتكوني خير ما في هذه الدنيا ، ولا تكوني للشيطان معينة عليهم فتكوني أسوأ سلاح يفتنهم في دينهم ، والاختيار في النهاية لك وحدك .

السلاح الرابع : طول الأمل والتسويف .

علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الأمل وطوله ، فلقد خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ وَقَالَ [ هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ] رواه البخاري وغيره .
 
 يمكنك أن تنظر إلى الصورة ، فإن الصورة رسم تقريبي لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فالإنسان هو ذلك الخط الأسود الذي داخل المستطيل والمستطيل هو أجل الإنسان – أي عمره – والخط الأحمر هو أمله وما يرجو ويظن أنه سيحققه في المستقبل والأعراض هي كل عارضة تعرض للإنسان من ابتلاءات سواء كانت مرضا أو جوعا أو فقدا للولد أو المال وهكذا .

الشيطان يحاول دائما أو يسلط عليك طول الأمل فتظن أنك لن تموت ، أو أن موتك سيكون بعيدا جدا ، وهذا هو الخط الأحمر ، ولهذا تجد نفسك تقول سأصلي إن شاء الله السنة القادمة ، أو سأتوب إلى الله في بداية السنة القادمة ، أو سأرتدي الحجاب بعد الزواج ، وأنت لا تعلم يا مسكين أن أجلك قد يكون قريبا ، فتموت قبل أن تتوب ، وليس ذلك فحسب بل إن الشيطان يجعلك تؤجل الطاعة فمثلا يقول لك أنك ستحفظ القرآن في السنة القادمة وأنت لا تعلم أنه في تلك السنة ستكون مريضا ولن تقوى على الحفظ ، أو سأصلي السنن فيما بعد ، وهكذا ، فهو يسلط عليك التأجيل أو التسويف معتمدا على طول أملك وأنك مطمئن لأن حالك سيبقى على ما هو عليه وهذا مخالف لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا إياه من خلال ذلك الحديث ، فلا تسمح للشيطان بأن يجعلك تؤجل توبة أو طاعة وافعل الآن الآن .

السلاح الخامس : الغضب .

الإنسان منا إذا غضب ، يكون في حالة من الضعف شديدة ، حيث أنه سيكون من السهل عليه تقبل أي وسوسة يلقيها عليه الشيطان أثناء غضبه هذا ، فمثلا لو أن رجلا غضب من زوجته غضبا شديدا ووسوس له الشيطان بأن يطلقها فربما طلقها بسبب غضبته تلك ، وربما غضب أحد الناس من صاحبه فيقول له كلمة تجرحه فيخسر الصاحب صاحبه ، فالغضب يدفعنا دفعا إلى أفعال نندم عليها لاحقا ، ودعونا نرى موقفا يحكيه أحد الصحابة وهو سليمان بن صرد قال كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ] فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ] فَقَالَ وَهَلْ بِي جُنُونٌ . متفق عليه ، لاحظ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجه كلامه لذلك الرجل الغاضب مباشرة ، وذلك لأنه ربما يقول للنبي كلمة يكفر بسببها أو يقع في كبيرة وذلك لغضبه ، وتخيل أن النبي قال له تعوذ بالله من الشيطان وكان رده وهل بي جنون ؟ فهذا بمثابة رفع صوته على النبي صلى الله عليه وسلم ومن يفعل ذلك يحبط عمله ، لذا كانت الحكمة تقتضي أن ينصحه أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم .

أيضا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم إذا غضبنا أن نغير من وضعنا فقال صلى الله عليه وسلم [ إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ ] رواه أحمد وغيره ، وجاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له أوصني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم [ لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ ] رواه البخاري ، ولعل الحديث يرشدنا إلى أن الخير كل الخير في ألا نغضب ونتمالك أعصابنا ، وبالطبع لا أنكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب ، وذلك حينما يتعدى أحد حدود الله عز وجل ، ومثل ذلك الغضب مطلوب لأنه لله ، وليس هذا النوع من الغضب يكون من الشيطان .

وحتى لا أطيل عليكم أكتفي بهذا القدر ، وسأكمل باقي الأسلحة في المقالة القادمة وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته