السبت، 26 أكتوبر 2013

من الأسلحة الشيطانية: النساء، طول الأمل والغضب



توقفنا في المرة السابقة عند سلاح من أخطر الأسلحة التي يستخدمها الشيطان ضدنا ليضيع به أعمالنا وهو الرياء والآن سنبدأ في إكمال باقي الأسلحة .


السلاح الثالث : النساء .

 وهذا هو السلاح الأكثر خطورة على الرجال !! ، فلقد قال تعالى { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } (14) سورة آل عمران ، فقدم الله شهوة النساء على كل الشهوات التي في الدنيا لأنها الشهوة الأخطر ، ولقد قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم [ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ] متفق عليه ، فالنساء هن أشد امتحانا للرجال من أي شهوة أخرى غيرهن.

ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ] رواه مسلم وغيره ، وحلاوة الدنيا تكون في لذاتها وشهواتها ، والاستخلاف فيها هو الإبتلاء بما فيها من لذات وشهوات لينظر ربنا ماذا سنفعل فيها ، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بتجنب التهافت على الدنيا وشهواتها وأن ننشغل بالآخرة وأن نتجنب فتنة النساء ، وذلك بغض البصر وحفظ الجوارح عن الزنا ، ولكن كيف تكون هذه الفتنة ؟ .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ] رواه الترمذي وغيره ، فمعنى أن المرأة عورة أن الستر واجب في حقها فلا تتبرج ، ولا تكشف نفسها على الرجال ، واستشراف الشيطان لها هو تزيينه لها ، فيأمرها بأن تتعطر وهي خارجة من بيتها ، وتتبرج ، وإن كانت محجبة يأمرها بارتداء ما ضاق وجسّم ، ويزينها في أعين الرجال الناظرين إليها ، فقد تكون امرأة متواضعة الجمال ، ولكن الشيطان يزينها للرجال فينظرون إليها مفتونين بها .

حكى لي أحد الشباب ما يجده بعد أن يأخذ ما يريده من فتاة ما فيقول : قبل الزنا أجدني متلهفا عليها ، أريد إمتلاكها ، ولكن بعد الزنا  أسأل نفسي ما هذا الذي فعلته ؟ . فالشيطان يزين له المعصية فيرى أنه متلهفا على تلك الفتاة أو تلك ثم بعد أن يقع في المعصية ، تظهر له سوء المعصية بدون الزينة التي قد وضعها الشيطان على تلك الفتاة .

ومما يعجب له المرء منا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ، فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ، قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا ] رواه البخاري وغيره ، فالمرأة يمكن أن يستخدمها الشيطان سلاحا يفسد به دين الرجال من حولها بل إنك قد ترى رجلا قد تجاوز الأربعين من عمره مثلا ثم هو يُفتن بامرأة في العمل ، وربما كان ذلك الرجل من أهل الصلاح فالأمر لا يسلم منه إلا من ثبته الله واجتنب الفتن ، فبتبرجك أيتها المرأة ، وتعطرك ، وخضوعك بالقول ، وضحكك بصوت عالٍ ، كل ذلك يؤثر على الرجال الذين من حولك ، فلا تكوني عونا للشيطان عليهم واتق الله .

والمرأة يمكن أن يستخدمها الشيطان لإفساد دين امرأة مثلها ، فمثلا ترى فتيات محجبات يقعن في معاص كثيرة ، فتقرر فتاة غير محجبة أنها لن ترتدي الحجاب لأن المحجبات يفعلن كذا وكذا ، وأحيانا ترى أن الفتاة المحجبة حجابا شرعيا بحق ، تنظر للفتاة الغير محجبة - أو الغير ملتزمة بدين الله - بأنها مرغوبة من الرجال ، وأن الحجاب سيعيقها عن الزواج لأنها لم تأخذ فرصتها في إبراز حسنها مثل تلك الفتاة الغير محجبة ، فتكون الفتاة الغير محجبة بمثابة الداعية إلى خلع الحجاب بطريقة غير مباشرة .

ليست النساء كلهن يمكن أن يستخدمهن الشيطان كسلاح ضد الرجال ، ولكن منهن من يكن عونا للرجال والنساء على طاعة الرحمن ، ولهذا يستحققن أن يكن خير ما في هذه الدنيا ، واقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ] رواه مسلم وغيره ، فتلك المرأة الصالحة التي حازت جائزة خير ما في الدنيا ، يمكن لها أن تهدي رجلها وتعينه على الخير بإذن الله ، أو تهدي فتاة بإذن الله ، وتربي نشأ طائعا لله ، فيالها من امرأة ، المرأة الصالحة .

يا أيتها المرأة كوني للرجال عونا ، لتكوني خير ما في هذه الدنيا ، ولا تكوني للشيطان معينة عليهم فتكوني أسوأ سلاح يفتنهم في دينهم ، والاختيار في النهاية لك وحدك .

السلاح الرابع : طول الأمل والتسويف .

علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الأمل وطوله ، فلقد خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ وَقَالَ [ هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ] رواه البخاري وغيره .
 
 يمكنك أن تنظر إلى الصورة ، فإن الصورة رسم تقريبي لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فالإنسان هو ذلك الخط الأسود الذي داخل المستطيل والمستطيل هو أجل الإنسان – أي عمره – والخط الأحمر هو أمله وما يرجو ويظن أنه سيحققه في المستقبل والأعراض هي كل عارضة تعرض للإنسان من ابتلاءات سواء كانت مرضا أو جوعا أو فقدا للولد أو المال وهكذا .

الشيطان يحاول دائما أو يسلط عليك طول الأمل فتظن أنك لن تموت ، أو أن موتك سيكون بعيدا جدا ، وهذا هو الخط الأحمر ، ولهذا تجد نفسك تقول سأصلي إن شاء الله السنة القادمة ، أو سأتوب إلى الله في بداية السنة القادمة ، أو سأرتدي الحجاب بعد الزواج ، وأنت لا تعلم يا مسكين أن أجلك قد يكون قريبا ، فتموت قبل أن تتوب ، وليس ذلك فحسب بل إن الشيطان يجعلك تؤجل الطاعة فمثلا يقول لك أنك ستحفظ القرآن في السنة القادمة وأنت لا تعلم أنه في تلك السنة ستكون مريضا ولن تقوى على الحفظ ، أو سأصلي السنن فيما بعد ، وهكذا ، فهو يسلط عليك التأجيل أو التسويف معتمدا على طول أملك وأنك مطمئن لأن حالك سيبقى على ما هو عليه وهذا مخالف لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا إياه من خلال ذلك الحديث ، فلا تسمح للشيطان بأن يجعلك تؤجل توبة أو طاعة وافعل الآن الآن .

السلاح الخامس : الغضب .

الإنسان منا إذا غضب ، يكون في حالة من الضعف شديدة ، حيث أنه سيكون من السهل عليه تقبل أي وسوسة يلقيها عليه الشيطان أثناء غضبه هذا ، فمثلا لو أن رجلا غضب من زوجته غضبا شديدا ووسوس له الشيطان بأن يطلقها فربما طلقها بسبب غضبته تلك ، وربما غضب أحد الناس من صاحبه فيقول له كلمة تجرحه فيخسر الصاحب صاحبه ، فالغضب يدفعنا دفعا إلى أفعال نندم عليها لاحقا ، ودعونا نرى موقفا يحكيه أحد الصحابة وهو سليمان بن صرد قال كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ] فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ] فَقَالَ وَهَلْ بِي جُنُونٌ . متفق عليه ، لاحظ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجه كلامه لذلك الرجل الغاضب مباشرة ، وذلك لأنه ربما يقول للنبي كلمة يكفر بسببها أو يقع في كبيرة وذلك لغضبه ، وتخيل أن النبي قال له تعوذ بالله من الشيطان وكان رده وهل بي جنون ؟ فهذا بمثابة رفع صوته على النبي صلى الله عليه وسلم ومن يفعل ذلك يحبط عمله ، لذا كانت الحكمة تقتضي أن ينصحه أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم .

أيضا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم إذا غضبنا أن نغير من وضعنا فقال صلى الله عليه وسلم [ إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ ] رواه أحمد وغيره ، وجاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له أوصني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم [ لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ ] رواه البخاري ، ولعل الحديث يرشدنا إلى أن الخير كل الخير في ألا نغضب ونتمالك أعصابنا ، وبالطبع لا أنكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب ، وذلك حينما يتعدى أحد حدود الله عز وجل ، ومثل ذلك الغضب مطلوب لأنه لله ، وليس هذا النوع من الغضب يكون من الشيطان .

وحتى لا أطيل عليكم أكتفي بهذا القدر ، وسأكمل باقي الأسلحة في المقالة القادمة وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك