الخميس، 30 أكتوبر 2008

تاريخ الأندلس ( 3 )

تحدثنا في المقالة السابقة عن صفحة من صفحات التاريخ الإسلامي المزدهرة وكيف أن طارق بن زياد استطاع أن ينتصر على مئة ألف فارس وكان أغلب جيشه بدون خيول في موقعة وادي برباط الشهيرة والتي فقد فيها المسلمون ثلاثة آلاف رجل مسلم وهذا يمثل ربع الجيش الإسلامي ومع ذلك لم يؤثر هذا في عضد طارق بن زياد رحمه الله وانطلق يفتح المدينة تلو المدينة وكانت المدينة العظيمة التي تلي وادي برباط هي مدينة أشبيلية والتي فتحت بغير قتال كما تحدثنا من قبل ثم توجه طارق بن زياد رحمه الله إلى مدينة تسمى أستجة والتي هي من مدن الجنوب أيضا وفي هذه المنطقة قاتل المسلمون قتالا عنيفا ولكنه بلا شك أقل عنفا وشدة من قتال وادي برباط لأن معظم قوة النصارى كانت قد هلكت نتيجة الهزيمة في وادي برباط وقبل أن ينتصر المسلمون على النصارى في مدينة أستجة قامت المدينة بفتح أبوابها وقالوا قد صالحنا على الجزية وهناك فرق بين دخول المسلمين هذه البلد فاتحين ودخولهم بعد أن يقبلوا بالجزية فإن دخلوا فاتحين أخذوا كل ما فيها وملكوا البلد أما إن صالح النصارى على الجزية فإنهم يملكون ما بأيديهم ويدفعون الجزية كما وضحناها في المقالة السابقة .
ومن مدينة أستجة يفعل طارق بن زياد أفعال عجيبة جدا وجيشه لا يزيد عن تسعة آلاف جندي فيبدأ في إرسال السرايا من هذا الجيش القليل لفتح المدن الجنوبية الأخرى وينطلق هو بقوة الجيش الرئيسية ناحية الشمال حتى يصل إلى طليطلة عاصمة الأندلس في ذلك الزمان فيبث سرية إلى غرناطة وسرية إلى قرطبة وهكذا ولا يزيد عدد الجنود في السرية الواحدة عن 700 جندي ومع ذلك فتحت قرطبة بهذا العدد فقط .
ثم انطلق طارق بن زياد لفتح مدينة جَيَّان وقد كانت من المدن الحصينة جدا للنصارى في هذا الزمن وقد تم فتحها ولله الحمد . ويبدوا أن موسى بن نصير أوصى طارق بن زياد ألا يتجاوز جيان أو يتجاوز قرطبة وأمره ألا يسرع في الفتح حتى يصل إلى طليطلة وذلك حتى لا يحوطه جيش النصارى بعد أن يتقدم بجيشه البسيط في العدد والعتاد ولكن طارق بن زياد وجد الطريق أمامه مفتوحا وأن المدينة الآن لن تكون محصنة وهي عاصمة الأندلس في ذلك الوقت وهي أحصن مدن النصارى على الإطلاق وإن ذهب لفتحها الآن قد تفتح وإن انتظر موسى بن نصير قد لا تفتح وهكذا اجتهد طارق بن زياد رحمه الله .
واقع الأمر أنه كان من الأفضل أن يرسل طارق بن زياد برسالة لموسى بن نصير يستشيره فيها و يخبره فيها بما يرى وأن أمامه فرصة لفتح طليطلة ولكن طارق بن زياد أسرع إلى طليطلة دون استئذان من موسى بن نصير رحمه الله .
علم موسى بن نصير بأن طارق بن زياد انطلق إلى طليطلة ولكنه لم يستطع اللحاق به إلا عندما وصل طليطلة وكما ظن طارق بن زياد وجد المدينة التي هي من أحصن مدن الأندلس على الإطلاق فهي محاطة بجبال طبيعية عالية جدا من الشمال والشرق والغرب ويوجد فيها خط مفتوح من الجنوب عليه حصن ضخم جدا وعندما وصل طارق بن زياد طليطلة فتحت المدينة أبوابها وكان فتحا من الله ونصر مبين وصالحت على الجزية .
لكن موسى بن نصير لم يعجبه هذا الأمر لأن فيه تهورا وقد كان موسى بن نصير يتبع الحكمة والصبر في فتوحاته في شمال أفريقيا فأرسل برسالة شديدة اللهجة إلى طارق بن زياد يأمره فيها بالكف عن الفتح وبالانتظار حتى يصل إليه خشية أن تلتف حوله الجيوش النصرانية وكان موسى بن نصير قد بدأ يعد العدة ليمد جيش طارق بن زياد بالمدد بعد أن دخل الجيش الإسلامي إلى هذه المناطق البعيدة الغائرة في وسط الأندلس.
ترى كم جهز موسى بن نصير من الجيوش؟ .
جهز من المسلمين ثمانية عشر ألفا من المسلمين فمن أين جاء بهم بعد أن كان أقصى ما استطاع فعله وتجهيزه هو اثنا عشر ألفا من الجند؟ .
في الحقيقة انهمر الناس من مشارق الأرض الإسلامية ومغاربها لما علموا أن فيها جهادا وكان أغلب الجيش الذي كان مع طارق بن زياد من البربر أما هذا الجيش الذي جهزه موسى بن نصير فهم من العرب الذين جاءوا من الحجاز والشام واليمن والعراق وقطعوا كل هذه المسافات إلى بلاد الأندلس نصرة ومساعدة لطارق بن زياد رحمه الله ولما عبر موسى بن نصير رحمه الله إلى بلاد الأندلس وجد أن النصارى قد انتقدوا في أشبيلية والتي كانت قد صالحت على الجزية نقدت العهد بعد أن صالحت على الجزية وجهزت العدة كي تلتف على جيش طارق بن زياد وفوجئت بموسى بن نصير يحاصر أشبيبة فهو قائد محنك له نظرة ثاقبة ولم يكن أبدا كما يدعي الناس أنه عطل طارق بن زياد عن الفتح حسدا من أنه يفتح الأندلس وحده وقال إنه ينتظر حتى يشرك في الأمر معه ويكون شريك له وفي الحقيقة هذا خطأ لأن موسى بن نصير لم يكن يُرِد للمسلمين التهلكة في هذه الأرض التي لم يعرفوها من قبل وأيضا كل حسنات طارق بن زياد في ميزان موسى بن نصير لأن موسى بن نصير كان الطريق والسبيل لهداية طارق بن زياد للإسلام .
حاصر موسى بن نصير منطقة أشبيلية لشهور متتابعة وصبرت على هذا الحصار حتى فتحت أبوابها وقد كانت من أشد المدن حصانة ثم ضمها إلى الشمال ولكن موسى بن نصير لم يفتح المدن التي فتحها طارق بن زياد وإنما اتجه إلى الغرب إلى المدن التي لم يفتحها طارق بن زياد وذلك حتى يساعده على الفتح ليس أبدا لأخذ النصر منه وأخذ الشرف منه وهو الذي علمناه تقيا ورعا مجاهدا صابرا محتسبا عند الله سبحانه وتعالى وفتح مناطق عظيمة جدا حتى وصل إلى منطقة تسمى مرده وهذه منطقة من المناطق التي تجمع فيها عددا كبيرا من النصارى القوط وحاصرها حصارا بلغ شهورا وكل هذا وطارق بن زياد ينتظر في طليطلة وفتحت المدينة أبوابها في آخر شهر رمضان في عيد الفطر فالعيد السابق كانت معركة وادي برباط وهذا العيد فتحت فيه مدينة مرده العظيمة ووافق أهلها على الجزية فكان فتحا عظيما .
ثم أرسل موسى بن نصير ابنه عبد العزيز بن موسى بن نصير يرسله حتى يفتح مناطق أكثر في جهة الغرب فتوغل في الغرب وكان ابن موسى بن نصير رجل تربى على الجهاد فهو كأبيه وفي فترات قليلة معدودة فتح عبد العزيز كل غرب الأندلس وهي الآن دولة البرتغال وقد فتح لشبونة .
في بعض الكتب ذكرت أنه لما التقى موسى بن نصير بطارق بن زياد أمسك به وعنفه ووبخه بل وضربه بالصوت وهذا ما جاء في المصادر الأوروبية ولكن هذا لم يحدث وما حدث بالفعل هو أن موسى بن نصير قد عنف طارق بن زياد على معصيته في عدم البقاء في قرطبة أو جَيَّان والاستمرار إلى طليطلة لكن هذا كان تعنيفا بسيطا وكان هذا لقاءا حارا بين الزعيمين البطلين اللذين افترقا منذ سنتين كاملتين منذ رمضان سنة 92هـ ولم يلتقيا إلا في ذو القعدة سنة 94هـ فالحملة التي قادها طارق بن زياد أخذت عاما كاملا حتى تصل إلى طليطلة والحملة التي قادها موسى بن نصير أخذت عاما آخر حتى وصلت إلى طليطلة .
بعد اللقاء اتجها سويا إلى فتح منطقة الشمال ثم فتح منطقة الشمال الشرقي وإلى فتح منطقة الشمال الغربي مرا سويا على مدينة برشلونة ونحن لا نسمع عن هذه المدينة إلا عن فريق الكرة الذي يلعب فيها ولكن لا يخطر ببالنا أن موسى بن نصير وطارق بن زياد يحكمان هذه المدينة بشرع الله عز وجل فانظر إلى أجداد المسلمين .
ثم فتحا سويا مدينة سرقسطةوهي أعظم مدن الشمال الشرقي واتجاها سويا إلى شمال الوسط ثم شمال الغرب وموسى بن نصير يفعل فعلا عجيبا من منطقة الشمال فهو يرسل سرية خلف جبال الفرينيه وهي الجبال التي تفصل بين فرنسا وبين أسبانيا أو بين فرنسا وبلاد الأندلس وهذه السرية تجاوزت جبال الفرينيه وفُتحت مدينة أربونه والتي تقع على ساحل البحر المتوسط والتي كانت نواة لمقاطعة إسلامية سوف تكبر كما سيظهر لنا في الرسائل القادمة إن شاء الله .
ثم اتجه موسى بن نصير بجيشه إلى الشمال الغربي من بلاد الأندلس حتى وصل إلى آخر مناطق الشمال الغربي وكل هذا والمدن تفتح للمسلمين حتى انتهى من فتح كل بلاد الأندلس في ثلاثة سنوات ونصف من أول دخول الأندلس حتى أواخر سنة 95هـ وبقي منطقة تسمى الصخرة وهي المنطقة التي يلتقي فيها خليج بسكي مع شمال المحيط الأطلنطي وحاصرها المسلمون حصارا طويلا وكان موسى بن نصير رحمه الله يريد فتح هذه الصخرة أو هذه المنطقة لكن وصلته رسالة عجيبة من أقصى بلاد المسلمين من دمشق من الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين في هذا الوقت و هذه الرسالة كانت طلب من الوليد بن عبد الملك بأن يعود موسى بن نصير وطارق بن زياد أدراجهما إلى دمشق ولا يستكملا الفتح .
حزن موسى بن نصير من هذا الطلب ولكن الوليد بن عبد الملك الذي يشغله هم المسلمين في كل هذه المناطق البعيدة النائية رأى أن المسلمين قد توغلوا كثيرا في بلاد الأندلس في وقت قليل وخشي رحمه الله أن يلتف النصارى حول المسلمين من جديد فقوة المسلمين مهما زادت فهي قليلة فلا يريد أن يتوغل المسلمون أكثر من ذلك وأيضا أمر آخر قد سمعه الوليد بن عبد الملك عن موسى بن نصير وهو صحيح والذي جعل الوليد بن عبد الملك يصر على استجلاب موسى بن نصير وطارق بن زياد إلى دمشق .
الأمر هو أن الوليد بن عبد الملك قد وصل إلى علمه أن موسى بن نصير يريد بعد أن ينتهي من فتح بلاد الأندلس يريد أن يفتح كل بلاد أوروبا حتى يصل على القسطنطينية من الغرب فقد استعصت على جيوش الدولة الأموية من الشرق فيريد هو أن يفتحها من الغرب يريد أن يفتح فرنسا ثم إيطاليا ثم يوغسلافيا ثم رومانيا ثم بلغاريا ثم منطقة تركيا حتى يفتح القسطنطينية من الغرب وهذا الأمر قد أرعب الوليد بن عبد الملك لأن معنى هذا أنه في حالة طلب المدد من المسلمين فهذا المدد سوف يصل بعد شهور وبينه وبين المسلمين بحار وجبال وأراضي واسعة وخشي الوليد بن عبد الملك على جيش المسلمين من التهلكة ولكن لننظر إلى الهمة العالية التي كانت عند موسى بن نصير تخيلوا كم كان يبلغ من العمر موسى بن نصير عندما كان يفكر هذا التفكير كان يبلغ من العمر خمسة وسبعين سنة أي أنه شيخ كبير وشيخ عجوز ومع ذلك يجاهد في سبيل الله ويفتح المدن ويحاصر أشبيلية شهور ويفتح برشلونة ثم يحاصر الصخرة ويريد أن يفتح القسطنطينية وهذا الرجل إن كان في زماننا هذا لكان على المعاش من 15 سنة .
فالذي على المعاش الآن يظن أن رسالته انتهت ولكن من لتصحيح المفاهيم ؟ ومن لتوريث الخبرات ومن لتعليم الأجيال ؟ فمازال أمامك مهمة ورسالة لتؤديها .
وكان سبب حزن موسى بن نصير الشديد على ترك الأندلس بسبب ترك أرض الجهاد في سبيل الله وكان حزينا أيضا لأن الصخرة لم تفتح بعد والتي هي أقصى الشمال الغربي من بلاد الأندلس وأيضا لأنه لم يستطع إكمال الحلم وهو فتح القسطنطينية من ناحية الغرب ولم يجد إلا أن يطيع الوليد بن عبد الملك فأخذ طارق بن زياد وذهب لدمشق وأول ما وصل إليها وجد الوليد بن عبد الملك في مرض الموت ومات الوليد بن عبد الملك رحمه الله وتولى الخلافة من بعده أخوه سليمان وكان على نفس فكر أخيه فلم يسمح لموسى بن نصير بالذهاب للجهاد خشية أن يدخل بالجيوش إلى أوروبا ويفتح القسطنطينية .
فأصبح موسى بن نصير في دمشق مع طارق بن زياد كما أراد سليمان بن عبد الملك وبعدها بعام ذهب سليمان بن عبد الملك إلى الحج وكان موسى بن نصير مشتاق للحج لأنه كان سنوات طويلة جدا في أرض الجهاد أكثر من عشر سنين ورافق سليمان بن عبد الملك في الحج وذلك سنة 97هـ وقال ( اللهم إن كنت تريد لي الحياة فأعدني إلى أرض الجهاد وأمتني على الشهادة وإن كنت تريد غير ذلك فأمتني في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فذهب موسى بن نصير إلى الحج وأدى الحج وفي طريق عودته مات رحمه الله في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر إلى حسن الخواتيم وانظر إلى هذه القلوب الموصولة بالله عز وجل .
ومن الملفت للنظر أن طارق بن زياد لا يدري أحد عنه شيئا من بعد هذا فلا يدري أحد هل بقي في دمشق؟ أم ذهب إلى بلاد الأندلس؟ وإن كانت هناك بعض الروايات الغير موثوق من صحتها تقول إنه مات في عام 102 هـ أي بعد العودة من الحج بحوالي خمس سنوات .
ومن العجيب أن المسلمين تهاونوا في فتح منطقة الصخرة وأغلب الظن أن لو كان طارق بن زياد وموسى بن نصير هناك لما تركوا هذه المنطقة وعلى الرغم من أن هذه المنطقة صغيرة إلا أنها كانت نواة لممالك نصرانية تسببت في النهاية في سقوط الأندلس بعد قرون ولهذا يجب على المسلمين أن يأخذوا أمورهم بكل جد وعدم التهاون في أي شيء .
وبرجوع موسى بن نصير وطارق بن زياد من الأندلس تنتهي فترة في التاريخ تسمى بعهد الفتح والذي يبدأ من سنة 92 هـ إلى سنة 96هـ أو أواخر 95هـ والأندلس تقسم إلى عهود بحسب طريقة الحكم وبحسب نظام الملك وعهد الفتح هذا يعتبر معجزة عسكرية إذ فتحت فيه الأندلس كلها إلا منطقة الصخرة الصغيرة في ثلاث سنوات ونصف فقط فهذا حدث غير مسبوق ولم يحدث إلا في تاريخ المسلمين .
ويبدأ بعد هذه الفترة عهد جديد يسمى عهد الولاة وهو يبدأ بعد رجوع موسى بن نصير وطارق بن زياد أي يبدأ في سنة 96 هـ ويستمر حتى سنة 138 من الهجرة أي استمر حوالي 42 سنة ومعنى عهد الولاة أي يتولى حكم الأندلس في هذه الفترة والي يتبع الحاكم العام للمسلمين والحاكم العام هو الخليفة الأموي في دمشق وكان هذا الحاكم هو سليمان بن عبد الملك في أول هذا العهد ثم توالى الحكام من بعده ولأن حاكم الأندلس والي يتبع الخليفة العام للمسلمين في دمشق فسمي هذا العهد بعهد الولاة .
وكان أول والي على الأندلس في هذا العهد هو عبد العزيز بن موسى بن نصير بأمر من سليمان بن عبد الملك رحمه الله وهذا الوالي كان كأبيه في جهاده وفي تقواه كما يقول عنه موسى بن نصير عرفته صواما قواما وكان مجاهدا في سبيل الله ووطد الأركان بشدة في منطقة الأندلس وتوالى من بعده الولاة وفترة عهد الولاة التي هي 42 سنة تولى 22 واليا أو 20 واليا ومنهم 2 تولوا مرتين فيصبح 22 فترة حكم أي أن كل والي يحكم سنتين أو ثلاثة .
ولكن لماذا هذا التغيير المفاجئ في الحكام ومما لاشك فيه أن هذا التغيير له أثر تأثيرا سلبيا على الأندلس؟ .
لأنه كان يستشهد كثير من الولاة في معاركهم في بلاد فرنسا وأما في الفترة الثانية من عهد الولاة فكان هؤلاء الولاة يغيرون بسبب المكائد والانقلابات المؤامرات فنستطيع أن نقسم عهد الولاة إلى فترتين رئيسيتين حسب طريقة الإدارة والحكم:
الفترة الأولى:
هي فترة جهاد وفترة فتوح وفترة عظمة للإسلام وهذه تمتد من سنة 96 هـ إلى سنة 123هـ أي 27 سنة.
الفترة الثانية:
هي فترة مؤامرات ومكائد وضعف فهي تستمر من سنة 123هـ إلى سنة 138 هـ أي 15 سنة .
الفترة الأولى من عهد الولاة تميزت ببعض الصفات وهي:
نشر الإسلام في بلاد الأندلس بعد أن توطدت أقدام المسلمين في هذه البلاد وبدأ المسلمون يعلمون الناس الإسلام والناس مساكين لا يعلمون شيئا عن الإسلام وإذا عرفته حق المعرفة كانت الفطرة السوية تختار هذا الدين بلا تردد .
وجد الأسبان في هذا الدين دينا متكاملا شاملا ينظم كل شئون الحياة وجدوا عقيدة واضحة وجدوا فيه عبادات منتظمة وجدوا فيه تشريعات مختلفة في الحكم وفي السياسة والتجارة والزراعة وفي المعاملات وجدوا تواضع كبير للقادة ووجدوا كيف تعامل أخاك وكيف تعامل أولادك وكيف تعامل جارك وأقاربك وصديقك ومن تعرف ومن لا تعرف وكيف تعامل عدوك وكيف تعامل أسيرك وجدوا تفاصيل لم يجدوها في دينهم فقد تعودوا فصلا كاملا بين الدين والدولة ووجدوا بعض المفاهيم اللاهوتية الغير مفهومة لهم التي يعجزون عن تطبيقها أما التشريعات فيشرعها لهم من يحكمهم من الناس .
لم يستطع الناس التخلف عن الأسبان عن دخول هذا الدين بل وأصبح أغلب أهل البلد من المسلمين بل إن غالبية المسلمين كانت من سكان الأندلس الأصليين وأصبح العرب قلة وأصبح البربر قلة في هذه البلاد لكن هذا أبدا ما غير من الحكم الإسلامي بل أصبح أهل الأندلس هم جند المسلمين وأعوان هذا الدين وهم الذين اتجهوا إلى فتوحات بلاد فرنسا بعد ذلك وبدأ المسلمون يتزوجون من الأندلسيات أي الأب عربي أو من البربر ويتزوج من امرأة من الأندلس ونشأ جيل جديد عُرف في التاريخ بجيل المُوَلَّدِين .
وبدأ المسلمون في الأندلس يلغون الطبقية حتى أنه يقف الحاكم مع المحكوم سواء بسواء أمام القاضي للتحاكم في المظالم وأتاح المسلمون في هذه الفترة الحرية العقائدية للناس وتركوا كنائسهم ولكن أحيانا ما يوافق النصارى على بيع كنائسهم للمسلمين وأحيانا يدفعون المسلمون أثمانا باهظة في ثمن الكنائس ثم يحولوها إلى مساجد أما إن رفض النصارى أن يبيعوا كنائسهم تركها المسلمون لهم وما هدموها أبدا .
اهتم المسلمون أيضا في هذه الفترة بتأسيس الحضارة المادية وبتأسيس الإدارة العمران وبنشر الكباري والقناطر وأنشئوا قنطرة تسمى قنطرة قرطبة وهي من أعجب القناطر في أوروبا حين ذاك وأنشئوا ديار كبيرة لبناء السفن وبدأت القوة الإسلامية تقوى في هذه المنطقة .
وقد حدث شيء هام جدا في هذه الفترة وهي أن الأسبان بدأوا يقلدون المسلمين في كل شيء وأصبحوا يتعلمون اللغة العربية وحتى الأسبان النصارى واليهود في هذه المنطقة بدأوا يفتخرون بتعلمهم لهذه اللغة فدائما الأمم المهزومة تقلد الأمم المنتصرة ونحن الآن تجد أن هناك مدارس تعلم اللغة الإنجليزية من الأساس بل إن بعض المدارس الإسلامية بدأت تكون مدارس إسلامية للغات وذلك في البلاد الإسلامية فالناس مفتونون بالحضارة الغربية والتقدم الغربي ويتركوا اللغة التي شرفها الله عز وجل بالقرآن الكريم وهي لغة أهل الجنة .
ومن سمات هذه الفترة وهي الفترة الأولى من عهد الولاة أن المسلمين اتخذوا من قرطبة عاصمة لهم وقد كانت طليطلة هي عاصمة الأندلس ولكن المسلمين غيروها وجعلوها قرطبة لأن منطقة طليطلة كانت قريبة من فرنسا ومنطقة الصخرة فكانت غير آمنة أن تكون هي العاصمة قرطبة في اتجاه الجنوب حتى تكون قريبة من المدد في بلاد المغرب .
ومن الأشياء المميزة في هذه الفترة الجهاد في فرنسا ونذكر في هذه الفترة بعض من هؤلاء الولاة الذي كان لهم سبق في هذا الجهاد فعلى سبيل المثال:
السمح بن مالك الخولاني رحمه الله وهذا والي عمر بن عبد العزيز الذي حكم المسلمين في الفترة ما بين 99هـ و 101هـ أي سنتان وستة أشهر والسمح بن مالك كان قائدا ربانيا وهذا القائد انطلق إلى بلاد فرنسا والتي فتح منها مدينة واحدة إسلامية وهي مدينة أربونة التي فتحها موسى بن نصير بسرية من السرايا لكن السمح بن مالك فتح كل الجنوب الغربي لفرنسا وأسس مقاطعة ضخمة جدا اسمها ( ستمانيا ) وهذه المقاطعة الآن تسمى بساحل الريفيرا الموجود في فرنسا والذي كثير من المسلمين يذهبون إليه للجلوس على الشواطئ والتي تعتبر من أشهر المناطق السياحية الموجودة في العالم كله وانظر كيف فعل المسلمون في هذه البلاد في السابق وحكموا منطقة الريفيرا بشرع الله في السابق ودامت لهم السيطرة عليها سنوات وسنوات وقد أرسل السمح بعض الناس ليعلموا الناس الإسلام سواء فيما قام بفتحه من مدن فرنسا أو في بلاد الأندلس ثم لقي ربه شهيدا وكان استشهاده في يوم عرفه في سنة 102 هـ .
ثم تولى من بعد هذا القائد عدة ولاة ولكن سنتجاوز عنهم ثم نتحدث عن رجل يسمى عِنبِسه بن سحيم أو عَنبَسه بن سحيم هذا الرجل كان مجاهدا وكان تقيا ورعا وحكم المسلمين في بلاد الأندلس في الفترة من 103هـ إلى 107 هـ ووصل في جهاده إلى مدينة سانس وهي على بعد ثلاثين كيلو متر من باريس والتي في أقصى شمال فرنسا أي أن عنبسه بن سحيم قد وصل لحوالي 70 % من أراضي فرنسا.
ثم استشهد أيضا عنبسه بن سحيم وهو في طريق عودته ثم بدأت الأمور تتغير في بلاد الأندلس وتولى من بعد عنبسه بن سحيم مجموعة من الولاة كان آخرهم رجل يسمى الهيثم الكُلابي وعلى غير عادة السابقين فقد كان هذا الرجل متعصبا لقومه ومتعصبا لقبيلته وبدأت تحدث خلافات بين المسلمين ومشاحنات ومعارك بين العرب والبربر حيث كان هذا الوالي من العرب ولكن الله منّ على المسلمين برجل هو عبد الرحمن الغافقي رحمه الله الذي ألغى العصبيات وأعاد الدين من جديد ووحد الصفوف وبدأ يبث في الناس روح الإسلام الأولى التي جمعت بين العرب والبربر والتي لم تفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى .
عبد الرحمن الغافقي بعد أن وحد الناس وظن أن القوة قد اكتملت بالإيمان أخذ هؤلاء الناس وانطلق ناحية فرنسا ليستكمل الفتوح من جديد ودخل مناطق لم يدخلها السابقون ودخل أقصى غرب فرنسا وأخذ يفتح المدينة تلو المدينة ففتح مدينة آرل ثم مدينة بودو وهذه المدينة موجودة إلى هذا الزمن ثم مدينة طلوشه ثم مدينة تور ثم وصل إلى أكواتيه وهذه المدينة هي التي تسبق باريس مباشرة والفارق بينها وبين باريس حوالي مئة كيلو متر من ناحية غرب باريس ومدينة أكواتيه هذه تبعد ألف كيلو متر من قرطبة أي أن عبد الرحمن الغافقي توغل كثيرا في بلاد فرنسا في اتجاه الشمال الغربي .
وفي منطقة أكواتيه عسكر عبد الرحمن الغافقي في منطقة تسمى البلاط والبلاط في اللغة الأندلسية تعني القصر فهذه المنطقة كان فيها قصر قديم مهجور عسكر عنده عبد الرحمن الغافقي وبدأ ينظم في جيشه ليلاقي جيش النصارى وكانت حملة عبد الرحمن الغافقي أكبر حملة تدخل بلاد فرنسا فقد كانت تحتوي على خمسين ألف مقاتل من المسلمين .
لكن هناك مشكلة خطيرة جدا في جيش عبد الرحمن الغافقي وهي أن جيش عبد الرحمن الغافقي عندما كان يفتح المدينة تلو المدينة كان يجمع الغنائم فكثرت الغنائم في جيش المسلمين وبدأ المسلمون يفتنون بهذه الأموال الضخمة واشتهرت بين الناس فكرة وهي أن نعود إلى بلاد الأندلس ونضع هذه الغنائم في بلادنا حتى لا يأخذها منا الفرنسيون لكن عبد الرحمن الغافقي جمع الناس وقال ( ما جئنا لأجل لهذه الغنائم ما جئنا إلا لتعليم هؤلاء الناس هذا الدين ولتعبيد العباد لرب العباد ) وأخذ يحفز الجيش ويحض الجيش على الموت في سبيل الله وأخذ الجيش وانطلق إلى أكواتيه رغما عن أنف الجنود .
بدأت تظهر أمورا جديدة في الجيش فالعصبيات التي قامت في بلاد الأندلس بين العرب والبربر تجددت من جديد فبدأت الناس تختلف على الغنائم وكل واحد ينظر لما في يد أخيه وبدأ العرب يقولون نحن العرب أفضل من البربر وبدأ البربر يقولون نحن الذين فتحنا البلاد ونحن الأفضل ونسي الناس أن المسلمين ما فرقوا أبدا عند الفتح بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى .
فاجتمع في الجيش حب الغنائم والعصبية كما اجتمع إلا جوار ذلك الاعتداد بالعدد الضخم وهو خمسين ألف مقاتل مسلم وهو رقم لم يسبق من قبل في تاريخ الأندلس وأخذتهم العزة بهذا العدد من الجند وظنوا أنهم لن يغلبوا ومن جديد حنين جديدة تتكرر فقد قال الله تعالى في عزوة حنين { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} (25) سورة التوبة .
ومع وجود قائد رباني كعبد الرحمن الغافقي هذا الرجل المجاهد التقي الورع إلا أنه كانت هناك عوامل كثيرة لهزيمة جيش المسلمين فكان هناك حب الغنائم والقبلية والعنصرية وكان هناك الاعتداد بالعدة والأعداد الكبيرة من الجنود والمسلمين ما انتصروا من أجل عددهم أو قوتهم ولكن كانوا ينتصرون بطاعتهم لله عز وجل ومعصية عدوهم لله سبحانه وتعالى .
وعلى الجانب الآخر يأتي جيش النصارى من باريس وعلى رأسه رجل يسمى شارل مارتن ويسموه العرب شارل قارله وكلمة مارتن هذه تعني المطرقة وسماه بها البابا (بابا إيطاليا) وسماه بهذا الاسم لأنه كان شديدا على أعدائه وكان من أقوى حكام فرنسا على الإطلاق وأتي بأربعمائة ألف مقاتل من النصارى أي ثمانية أضعاف الجيش المسلم ولكن المسلمين لم تكن أبدا تهمهم هذه الأرقام ولكن جيش المسلمين فيه عوامل من عوامل الضعف .
والتقي الجيشان في موقعة من أشرس المواقع الإسلامية على الإطلاق وهي موقعة في منطقة أكواتيه ودارت الموقعة عشرة أيام متصلة وكانت في رمضان سنة 114 هـ وكانت الغلبة للمسلمين في بداية المعركة مع قلة عددهم ولكن النصارى بعد ذلك فطنوا لوجود الغنائم خلف جيش المسلمين فالتفوا حول الجيش وهاجموا الغنائم وبدأوا يسلبوا مغانم المسلمين وارتبك المسلمون وأسرعوا ليحموا غنائمهم فحب الغنائم دخل في قلوبهم ولما حدث هذا الأمر حصل ارتباك شديد في صفوف المسلمين وبدأت تحدث هزة أدت إلى هزيمة الجيش الإسلامي في موقعة أكواتيه أو موقعة بلاط الشهداء .
بلاط هو القصر الذي دارت عنده هذه الموقعة والشهداء لكثرة شهداء المسلمين في هذه الموقعة ولم يرد في الروايات الإسلامية حصر دقيق للشهداء في هذه الموقعة ولكن الروايات الأوروبية تبالغ جدا في ذكر عدد الشهداء حتى إنهم يقولون إنه قتل من المسلمين 375 ألف مسلم مع أن الجيش كله لم يزد عن 50 ألف مسلم ولكنهم يريدوا أن يعظموا هذه المعركة .
ويقول النصارى في رواياتهم عن هذه المعركة أنه لو هزم الفرنسيين في هذه المعركة لفتحت أوروبا بالكامل ولدُرس القرآن في جامعة أكسفورد هكذا يقولون ولكن هذه الهزيمة كانت تعاسة لهم فقد بقوا في ضلالهم وغيهم وعبادتهم غير الله عز وجل .
وبعد هذه الهزيمة انسحب المسلمون ومع ذلك فإن الهزيمة لم تكن ساحقة كما يصورها الجيش النصراني بدليل أن النصارى لم يتبعوا جيش المسلمين بل اكتفوا بما لديهم من الغنائم وبما قتلوه من المسلمين وكان من عادة الجيوش أن تتبع الجيش الفار ولكن الواضح أن الجيش النصراني خشي أن يدخل بلاد الأندلس ويتبع المسلمين .
ونريد أن نقف وقفة مع هذه المعركة فقد قال الله عز وجل { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (5) سورة فاطر. فالمسلمين اغتروا بالدنيا التي فتحت عليهم في فتح بلاد فرنسا وفتح بلاد الأندلس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم) . متفق عليه .
فانظر أيها المسلم إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدبر فإن ما حدث سنة من سنن الله فإن فتحت الدنيا على المسلمين فإنهم يتنافسوها ثم تهلكهم وهذا ما حدث في المعركة .
أمر آخر كان سبب الهزيمة وهو العنصرية والقبلية والعصبية التي كانت بين العرب والبربر وقد لاحظ الفرنسيون أثر الخلاف الذي حدث بين العرب والبربر وأدى إلى هزيمتهم ووعت الكتب الفرنسية هذا الأمر وظلت تحفظه على مدار التاريخ حتى مرت الأيام ومرت السنوات واحتلت الجزائر من سنة 1830 لسنة 1960 أي 130 سنة كاملة ولما قامت الحركات الاستقلالية في الجزائر في سنة 1920 وما بعدها ففكرت فرنسا في فكرة لكي تضيع هذه الحركات فبدأت تضرب العرب بالبربر فبدأت تشيع في البربر أنهم قريبون من العنصر الآري أي العنصر الأوروبي وقد وصفنا البربر من قبل وقلنا إن شعورهم شقراء وبيض اللون وعيونهم زرقاء وقالوا لهم أنهم بعيدون عن العنصر السامي أي عنصر العرب .
وبدأ الفرنسيون في تعليم البربر اللغة الفرنسية في مناطق البربر وعدم تعليم اللغة العربية في هذه المناطق وعدم تعليم العرب اللغة الفرنسية ومع ذلك لم تفلح فرنسا في تحويل دين البربر من الإسلام إلى النصرانية أبدا والبربر كانوا متمسكين بتعلم اللغة العربية على مدار الأيام لكن لما قامت فرنسا بهذا الأمر بدأت تعلم اللغة الأمازيغية أيضا وهي اللغة الخاصة بالبربر فالبربر الذين يعيشون في الجزائر الآن يسمون بالأمازيغ وهم لهم لغة خاصة وبدأت فرنسا تعلم اللغة الأمازيغية حتى إنها أنشأت في سنة 1967 أكاديمية لتعليم اللغة الأمازيغية وبدأت تكتب اللغة الأمازيغية بحروف لاتينية فاللغة الأمازيغية لغة منطوقة غير مكتوبة فبدأت فرنسا تعلم البربر هذه اللغة وتستجلب البربر لتعلم هذه اللغة في الأكاديمية وبدأت تحذف بعض الكلمات العربية من اللغة البربرية فقد كانت بعض الكلمات العربية دخلت على اللغة البربرية ولكنهم أخرجوا هذه الكلمات وأبدلوها بكلمات أصيلة في اللغة البربرية حتى إنه في سنة 1998م أي أنه منذ سنوات قريبة أنشأت فرنسا أكاديمية تسمى الأكاديمية العالمية للبربر وهي أكاديمية تجمع البربر من بلاد العالم ومن المعروف أن معظم البربر تركيزهم في منطقة المغرب العربي وغرب أفريقيا فبدأت تجمعهم هذه الأكاديمية وتعلمهم لغة خاصة بهم وكل هذا لفصل العرب عن البربر وهذا لأنها شاهدت آثار المشاكل التي دارت بين العرب والبربر في موقعة بلاط الشهداء وما تلاها فبدأت تأثر على العلاقة بين العرب والبربر وتحذف من الذاكرة أن هذه الجموع ما هي إلا جموع إسلامية ما اجتمعت إلا برباط الدين والعقيدة.
فرنسا التي تحاول أن تقيم لغة أخرى غير اللغة العربية في بلاد الجزائر هي نفسها التي رفضت مشروع لرئيس وزرائها جوسبان سنة 1999 والذي تقدم به لرئيس فرنسا شيراك والذي كان فيه إقرار بعض اللغات المحلية في فرنسا فقال له شيراك (إنك تريد بلقنة فرنسا ) أي جعلها مثل بلاد البلقان بلاد مختلفة بحسب العرق وبحسب العنصر مع أنه هو ومن معه يحاولون أن يشجعوا اللغة الأمازيغية في بلاد الجزائر لتفكيك الوحدة فكان حلالا على بلاد الجزائر وحراما على فرنسا أن تقر أكثر من لغة بداخلها .
والجدير بالذكر أنه إلى الآن البربر يتمسكون بإسلاميتهم ويتمسكون بعقيدتهم وإن كانت هناك محاولات فرنسية لجعل هذه المنطقة منطقة علمانية .
كان هذا درس ضخم جدا من معركة بلاط الشهداء والتي بدأ بعدها نجم المسلمين يأفل نتيجة بزوغ مثل هذه العصبيات ومثل هذا الحب لهذه الدنيا وهي سنة من سنن الله سبحانه وتعالى .
ترى ما هي الفترة الثانية من عهد الولاة ؟ وكيف قادت العصبية وكيف قاد حب الدنيا هذه البلاد التي كانت بلاد الجهاد في فترة عهد الفتح وفترة الجزء الأول من عهد الولاة ؟ ثم ماذا حدث بعد انتهاء عهد الولاة وسقوط الدولة الأموية في المشرق؟ فهذا ما سنتناوله إن شاء الله في المقالة القادمة .
هذا تلخيص لأحد دروس الشيخ راغب السرجاني عن الأندلس
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك