الجمعة، 31 أكتوبر 2008

عبدة الشيطان في الدول العربية

انتشرت في مدارس مملكة البحرين ظاهرة عبدة الشيطان حيث لاحظ عدد من المدرسين إقدام عدد كبير من الطلاب على تصرفات غريبة منها الحرص على ارتداء ملابس تحوي بقعا سوداء وشعارات تشابه ما يرفعه أنصار ذلك التنظيم في الخارج .

ولم يخف العديد من الطلاب عند استجوابهم من قبل السلطات البحرينية انتماءهم إلى هذا التنظيم لإشباع رغباتهم الجنسية خلال الحفلات المختلفة وتبادل المخدرات والمسكرات والرقص في حرية تامة بعيدة عن أي أعراف أو تقاليد أخلاقية تصل إلى العربدة وتعري الشباب المشاركين في الرقص من ملابسهم تماما، وتتعرى أمامه فتاة وتلمس أعضاءه الجنسية، وتنتهي الملامسات بالغناء والرقص والجنس الجماعي.


المسألة لم تقتصر على البحرين فقط، بل إن جهات أمنية قد رصدت في أحد النوادي الشهيرة في القاهرة عودة هذه الظاهرة أثناء إقامة حفل رقص، حيث ارتدى شباب وبنات ملابس سوداء وسلاسل ذهبية كبيرة الحجم ورفعوا شعارا عبارة عن صليب مقلوب انتهى بتكريم صاحب أفضل رقصة منفردة وأفضل ثنائي رقص من الجنسين.. الغريب في الحفل الذي أقيم في أحد النوادي بالقاهرة أن هذا الحفل لم يقتصر على الشباب فقط بل شهد تورط أحد الأساتذة بكلية الطب في جامعة عريقة ومحام ومهندسة، مما يؤكد أن هذا التنظيم قد نجح في جذب انتباه النخبة.

في أحد ضواحي العاصمة الأردنية عمان وضعت قوات الأمن يديها على تغلغل تنظيم عبدة الشيطان في أوساط الشباب ونجاحها في جذب انتباه العديد من شباب الجامعات في الأردن، وقد تعاملت السلطات بقسوة شديدة مع هذا التنظيم وقدمت أغلب المتورطين فيه إلى المحكمة في خطوة نالت استحسان الرأي العام الأردني الذي رأى غالبا هذه الخطوة باعتبارها مهمة جدا للحفاظ على المنظومة القيمية والدينية للشعب الأردني وتضييقا على مثل هذه التنظيمات الشاذة.

ويكشف تغلغل مثل هذه التنظيمات الشاذة التي ترفع شعارات غربية مثل إقامة العلاقات بين الناس وفق مبدأ اللذة والمنفعة، وتكريس مبدأ الحروب التي هدفها الاستعلاء والاستكبار، وسيادة الجنس الأقوى باعتبارهم يرفضون بشدة مبدأ المساواة بين البشر.




وترغب هذه التنظيمات في محو الخير من نفوس البشر، فالخير حسب مفاهيمهم تكريس للعجز ووسيلة إنقاذ للمتسولين والأغبياء والكسالى، مطالبين بإلغاء جميع القيم الأخلاقية التي نادت بها الشرائع السماوية جميعا، فمن وجهة نظرهم أن الأخلاقيات التي دعا إليها القرآن الكريم والإنجيل والتوراة ما هي إلا لتكريس الضعف وحماية الضعفاء في حين يرفعون شعار القوة الذي يمثله الشيطان الذي يعد بحسب زعمهم رمز القوة والأسطورة كما أكدت الكتب السماوية الثلاث، فهو الذي أخرج آدم من الجنة بقواه الخارقة رغم تحذيره من الاقتراب من شجرة الخلد.

وتتبنى هذه التنظيمات حزمة من الشعارات والتقاليد الغريبة يأتي في مقدمتها ارتداء الملابس السوداء وحمل الصليب المقلوب والقيام بذبح القطط باعتبار نفوسها من الشيطان، ثم يشربون من دمائها ويلطخون أجسادهم، وبعدها يذهبون إلى المقابر في الصحراء ليقطنوا بها أياما لا يضيؤون شمعة رافعين الأصابع الوسطى كرمز للشيطان.


التطبيع:

ويعد الكثير من المراقبين تغلغل ظاهرة عبدة الشيطان في كثير من الدول العربية نتيجة طبيعية لما حدث في هذه الدول من تكريس لقيم التغريب والعلمنة علاوة على تزايد الاختلاط بين شباب هذه الأمة واليهود في إطار ما يعرف بالتطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي، وبين بعض الدول العربية التي تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني وفي مقدمتها مصر والأردن، وذلك بعد أن أوضحت التحقيقات أن طابا وهي منطقة مصرية مباح فيها لليهود دخولها بحرية تامة، وكانت أول مصدر لازدهار جماعة عبدة الشيطان في مصر.


مؤسسات التعليم الأجنبي:

كما أدى انتشار التعليم الأجنبي في كثير من بلدان العالم العربي دورا كبيرا في انتشار مثل هذه الجرائم في بلداننا حيث نجحت مؤسسات التعليم الأجنبي في غرس مثل هذه الأفكار في نفوس شبابنا والتأكيد لهم أن اتباع الشيطان هو السبيل الوحيد لمعالجة المشكلات التي عجزت الأديان السماوية - بحسب زعمهم - في القضاء عليها، فيما يرجع آخرون انتشار مثل هذه الظواهر الغريبة على مجتمعاتنا إلى غياب مشروع وطني أو قومي يستثير حماس الشباب والفراغ الشديد الذي يعانون منه والخراب السياسي وانعدام النشاط الطلابي والتربية في المداس وتدهور الثقافة الدينية لدرجة أن أغلب المقبوض عليهم في قضايا عبدة الشيطان لا يعرفون شيئا عن الإسلام ولا يحفظون سورة واحدة من القرآن.

ثم إن تدهور الثقافة الدينية وتغيير منظومة القيم في المجتمع وصدارة قيم الوجاهة والفهلوة والثراء والكسب السريع واشتداد حملة التغريب والإصرار على هتك الهوية واقتلاع الجذور والانقطاع عن الأصول الإسلامية؛ شكل تربة قوية ومهيئة لاستقبال مثل هذه المؤثرات السلبية في ظل تنامي ثورة الاتصالات التي جعلت العالم قرية واحدة مما سهل من انتشار هذا السرطان الذي يهدد هوية أمتنا بشكل قاتل.

مجمل الأسباب السابقة ليست هي المسؤولة وحدها عن تزايد مخاطر هذا العبث الشيطاني، بل إن حالة التراخي التي تعاملت بها الحكومات العربية والإسلامية مع الشباب المتورطين فيها والإفراج عنهم بعد احتجازهم لساعات كان من أهم أسباب عدم ارتداع الشباب عن الاستمرار في هذا الغي.


استخفاف:
فمثلا في مصر قابل الكثيرون بالاستخفاف الدعوة التي أطلقها مفتي مصر السابق نصر فريد واصل بضرورة استتابة هؤلاء لمدة ثلاثة أيام ومعاقبتهم، كما يقول الشارع الحكيم، وخرجت دعاوى تقلل من أهمية تورط الشباب في هذا الأمر مرجعة إياه إلى حالة الترف والفراغ، بدون الاهتمام بدوافع الأمر الحقيقية الذي ذكرناها سابقا، بل واستبعدوا أي تورط لجهات خارجية، وقد ساعد هذا الأمر على عدم ارتداع هؤلاء الشباب واستمرارهم في ممارسة الطقوس الشيطانية بدون الخوف من مواجهة أي عقاب، خصوصا أن هؤلاء أدركوا أن هناك جهات دولية ومنظمات حقوق إنسان ستتدخل لمنع أي عقاب عليهم في إطار استغلال هذه المنظمات لمبدأ الحرية الشخصية والدينية وخوف الأنظمة العربية والإسلامية من عقوبات دولية في حالة إصرارها على تنفيذ قوانينها.

ويرى د. محمد عبد المنعم البري -أستاذ العقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر أن ظهور عبدة الشيطان في دول عديدة من عالمنا الإسلامي نتيجة طبيعية للمد التغريبي والعلماني الذي ساد معظم دولنا في الفترة الأخيرة سواء في مؤسسات التعليم التي اكتسبت بعدا تغريبيا غير مسبوق طوال العقود الثلاثة الماضية، وكذلك ما يحدث في وسائل الإعلام من تمجيد للرذيلة وإعلاء لقيمة الانحراف مع إهمال لكل عناصر المنظومة القيمية الإسلامية والعربية مع تهيئة الساحة لكل هذه الظواهر التي تريد تذويب هوية هذه الأمة وتحويلها إلى كائن مسخ غير قادر على مواجهة المؤامرات التي تشن ضده، وكذلك يتقن الغرب من أن خلق حالة من التفسخ الديني في هذه الأمة هو البداية لانهيارها.


المصدر: مجلة الفرقان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك