الخميس، 30 أكتوبر 2008

ماذا تعرف عن كشمير

كنت فيما مضى أتسائل ما هي كشمير التي يدعو الشيخ في الصلاة بأن ينتصر فيها المسلمون وتكرر دعاءه كثيرا إلى أن توقفت مثل هذه الأدعية مع مرور الوقت كحال الناس حينما يقوموا لقضية ما ثم مع الوقت يهدأوا ودعونا نتعرف ما هي كشمير ؟ .

تُعرف كشمير بأنها جنه الله على الأرض، بل هي جنة العالم الإسلامي المنسية ، إن الذي يحدث في كشمير الآن هو حلقة من سلسلة صراع المسلمين لاتقاء الضربات التي يكيلها أعداء الإسلام ضد أبناء المسلمين ضمن مؤامرة تمتد خيوطها إلى بقاع شتى من الأرض تمتد من فلسطين إلى الفلبين ومن إريتريا والصومال إلى أذربيجان وأفغانستان، إنه صراع لإثبات الهوية الإسلامية وشوق لاستنشاق عبير الحرية. حرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عالم امتلأ بالكثير من المنكرات وكاد يخلو من كل معروف .

تقع كشمير في أقصى الشمال من شبه القارة الهندية الباكستانية وفي قلب المنطقة الجنوبية من آسيا الوسطى، تلتقي حدودها مع حدود كل من أفغانستان، والصين، والهند وباكستان والاتحاد السوفيتي، وهي بشطريها: الجزء الذي تحتله الهند والجزء المحرر الذي تسيطر عليه باكستان تشغل مساحة قدرها 84.494 ميل مربع، ويشكل المسلمون 80% من سكانها البالغ مجموعهم 11 مليونًا: منهم 6.5 مليون في كشمير المحتلة، و 2.5 مليون في كشمير الحرة، إلى جانب 1.5 مليون لاجئ في باكستان لجئوا من كشمير المحتلة، وحوالي نصف مليون موزعين في أنحاء مختلفة من العالم، وخاصة في بريطانيا .

دخل الإسلام كشمير لأول مرة في القرن الثامن الهجري... وبالتحديد عام 1383م، عندما اعتنق الإسلام ملك كشمير هو وعائلته ووزراؤه، واتخذ الملك اسمًا مسلمًا هو صدر الدين وبتشجيع من الملك وبمساعدة الداعية الكبير سيد علي الهمداني الذي جلب معه 700 من الدعاة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، اعتنق الشعب الكشميري الدين الإسلامي عن بكرة أبيهم. وبذلك انتشرت تعاليم الإسلام في كافة ربوع كشمير، حيث ازدهرت أول دولة إسلامية... دولة يسودها العدل والسلام والرخاء .

وكان السلطان إسكندر 1398 ـ 1413م أول من طبق الشريعة الإسلامية في هذه المملكة، واستمرت كشمير تنعم تحت راية الإسلام بالحرية والسلام والرخاء زهاء خمسة قرون حتى وقعت فريسة في أيدي السيخ وضموها إلى دولتهم في البنجاب قبيل منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وفي عام 1846م بعد هزيمة السيخ على أيدي المحتلين الجدد الإنجليز قام هؤلاء ببيع ولاية كشمير لملك هندوسي من أسرة الدوغرا كان يحكم إحدى مقاطعاتها وهي مقاطعة جامو ليصبح لقبه مهراجا جامو وكشمير .

وكان الثمن الذي تقاضاه الإنجليز مقابل تسليم الولاية للمهراجا الهندوسي لا يتعدى المليون روبيه .

ظل المسلمون يعانون الظلم والاستعباد على أيدي المهراجا ـ أي الملك الهندوسي ـ الذي اتخذ بطانة من بعض المغرضين، الذين لم يكن لهم هدف إلا منفعتهم الشخصية، وبذلك فقد مسلمو كشمير حريتهم.. بل جُردوا من هويتهم وثقافتهم الإسلامية، وما زالوا يعانون الاضطهاد إلى يومنا هذا. بدأ الفصل الحالي من الاحتلال عام 1947م.. عندما غادر الإنجليز شبه القارة الهندية، وظهرت إلى حيز الوجود دولتا الهند وباكستان. وحسب خطة التقسيم، كان على المناطق التي يقطنها غالبية مسلمة أن تشكل دولة باكستان، والمناطق التي يسكنها غالبية هندوسية أن تشكل دولة الهند، أما الولايات شبه المستقلة التي كان يحكمها أمراء ومهراجات ـ كولاية كشمير، ـ فكان لها أن تختار بين الانضمام إما إلى الهند أو إلى باكستان أو تبقى مستقلة، وحسب المعادلة المذكورة أعلاه كان لكشمير أن تختار إما الانضمام إلى باكستان أو أن تبقى مستقلة، فغالبية سكانها من المسلمين، وهي جغرافيًا واقتصاديًا تعتبر امتدادًا طبيعيًا لباكستان، فكافة الأنهار التي تجري في باكستان، منبعها في كشمير وفي الجبال المحيطة بها، وكافة الطرق التجارية البرية المعبدة والصالحة للاستعمال طول أيام السنة تربطها بباكستان فقط، ولا يربطها بالهند غير طريق واحدة تم شقها بعد الاحتلال، فهي طريق غير طبيعية وبالغة الوعورة تقفل طول أيام الشتاء ومواسم الأمطار .

ولكن مهراجا كشمير الهندوسي، قلب كل الموازين، وأعلن في أغسطس 1947م انضمام الولاية إلى الهند. وهنا ثار الكشميريون مطالبين بحقهم في تقرير المصير، وفي 27 تشرين الأول 1947م... في يوم عرف باسم اليوم الأسود تدفقت جحافل الجيش الهندي على ولاية كشمير، وبدأ صراع مرير بين عدو غاشم وشعب أعزل. مع ذلك قاوم الكشميريون بمساعدة متطوعين من رجال القبائل في باكستان، واستطاعوا تحرير حوالي ثلث مساحة الولاية الذي يقع الآن تحت سيطرة باكستان ويطلق عليه اسم آزاد كشمير أي كشمير الحرة .

واستمر الكفاح المرير بين الجيش المعتدي والمجاهدين الشجعان طوال 15 شهرًا دمويًا، أحست الهند بأنها على شفا الهزيمة، فلجأت إلى الأمم المتحدة مدعية، بأن باكستان تهاجم جيوشها في كشمير، وانتهت حرب التحرير الأولى في 31 كانون الثاني 1948م باتفاق وقف إطلاق النار، والتزمت كل من الهند وباكستان بإجراء استفتاء حر نزيه في كشمير بموجب قراري الأمم المتحدة الصادرين في 3 أغسطس 1948م ويناير 1949م، ليقرر الشعب مصيره بنفسه إما الانضمام إلى الهند أو إلى باكستان أو يقرر استقلال الولاية .

مرت 57 سنة، وما زالت الهند تتجاهل وتحتقر جميع قرارات الأمم المتحدة والتزاماتها الدولية باحترام رغبة الشعب الكشميري، وعمدت إلى ضم الولاية إلى الاتحاد الهندي عن طريق الغش والاحتيال وادعت أن نواب الشعب المنتخبين صوتوا على جانب الانضمام إلى الهند..، ولكن من هؤلاء النواب؟ إنهم الذين وصولوا إلى البرلمان عن طريق التزوير أو في ظل بنادق الجيش الهندي وحرابه. كما أن نسبة من أدلى بأصواتهم في آخر انتخابات لم تتعد نسبة 10% من مجموع السكان .

يوجد الآن أكثر من 800 ألف جندي هندي في كشمير المحتلة، وهذه النسبة تعتبر أعلى نسبة على الإطلاق في العالم لتواجد عسكري لبلد خارج حدوده، وهم يوميًا يرتكبون جرائم ضد الشعب الكشميري، يحرقون مساكنهم ومتاجرهم وينهبون أموالهم ويعتدون على أعراض المسلمين ويعتقلون الآلاف من الشبان في غارات ليلية أو في ساعات حظر التجول التي تفرض يوميًا على سائر مدن الولاية، وخاصة عاصمتها 'سرينغر'، إن غاية هذا الاضطهاد الهندي، هو إبادة الوجود الإسلامي وتغيير تركيبة سكان الولاية، لتصبح ولاية هندوسية كبقية ولايات الهند .

وقد لوحظ أنه بين كل إحصائية تجري للسكان كل عشر سنوات تتناقص نسبة المسلمين 5% في كل مرة حتى أصبحت نسبته 80%، بعد أن كانت أكثر من 95% قبل انتقل الحكم إلى الهندوس .

ولكن الشعب المسلم الغيور على دينه أدرك هذه المؤامرة الدنيئة ضد تعاليم الإسلام، فتصدى الشباب المسلم الواعي لهذا الغزو الهندوسي الانحلالي، فكانت الصحوة الإسلامية المباركة.. فراح الشباب المسلم يحطم الخمارات وغيرها من أماكن اللهو تحت قيادة حركة التحرير الكشميرية .

لقد أعلن الشباب الكشميري المسلم الجهاد لتحرير بلاده من ربقة الاحتلال الهندي والذود عن دينه الحنيف، وهاهم يقاومون البنادق والأسلحة الفتاكة بالحجارة وقذائف ملوتوف. وفرضت قوات الاحتلال تعتيمًا إعلاميًا كاملاً فقامت بطرد مندوبي وكالات الأنباء العالمية من الولاية ولم تسمح إلا لعدد قليل من مندوبي وكالة الأنباء الهندية، فارضة عليهم رقابة إعلامية صارمة لا تسمح بخروج أي خبر عما يحدث، إلا ما تصرح به السلطات، وفرضت ستارًا حديديًا محكمًا حول الولاية. من منّا لم يسمع بالمظاهرات التي يقوم بها المسلمون في كشمير رجالاً ونساءً وشيوخًا وأطفالاً ـ يخرجون إلى الشوارع حتى خلال ساعات حظر التجول التي تفرضها قوات الاحتلال ـ متحدين رصاص الجنود الهنود؟ فمثلاً في الأشهر الماضية سارت مظاهرة سلمية كبيرة لتسليم التماس إلى مندوبي الأمم المتحدة في مقر المراقبين الدوليين في العاصمة 'سرينغر'، وتصدت لهم قوات الاحتلال وحصدت برشاشاتها أرواح خمسين متظاهرًا مسالمًا، بينهم محامون وأطباء ومهندسون ونساء وأطفال.. سقطوا جميعًا شهداء في سبيل الله، وهذا مجرد مثال واحد، مما يحدث الآن في مدن كشمير المحتلة. كل ذلك يحدث والهند تدعي أمام العالم بأن باكستان هي وراء هذه الأحداث .

إن الشعب الكشميري المسلم بكامله، هو الذي خرج يقاوم الاحتلال الهندي الغاشم ليسترد هويته الإسلامية التي حرم منها زهاء 40 سنة ونيف. إن ذبح البقرة في كشمير المحتلة يعتبر عملاً غير قانوني يحكم على مرتكبه بالسجن المؤبد، لأنه ينافي تعاليم الهندوسية، بينما يعتبر ما يرتكبه الهندوس ضد الإسلام أمرًا مباحًا. إن الحكومة الهندية تتدخل في قانون الأحوال الشخصية الإسلامي، وترغم المسلمين على العيش حياة غير إسلامية ـ بل ومنافية للإسلام ـ فبينما تمتلئ الكتب المدرسية بالأساطير الهندوسية جرى تحريف لتاريخ المسلمين ـ فمثلاً ـ يصورون الحكام المسلمين بأنهم طغاة مستبدون واستغلاليون، بينما يضعون الهالات حول زعماء الهندوس ويصورونهم كأبطال، لقد أغلقوا إقامة الصلاة في المدارس وأهملوا تعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية, بل استبدلوا لغة الأوردو ـ لغة المسلمين في شبه القارة الهندية ـ بلغة الهندوس، وفي عام 1975م أغلقوا '125' مدرسة إسلامية والنسبة الحالية بهذا الخصوص دخلت نسبة الألوف، بينما تلقى المدارس الهندوسية الخاصة كل تشجيع ودعم من الحكومة. إن ما ندعو إليه الآن، هو بذل التأييد المعنوي والمادي لمساعدة مسلمي كشمير على نيل حريتهم ومزاولة حقهم في تقرير المصير، إن اضطهاد المسلمين في هذه البلاد لا يقل أهمية عن اضطهاد المسلمين في فلسطين وأفغانستان والعراق.. وغيرها .

المصدر : موقع مفكرة الإسلام


أقول قولي هذا واستغفر الله لي وبلكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك