الخميس، 30 أكتوبر 2008

تاريخ الأندلس ( 10 )

توقفنا في المرة السابقة عند موقعة الزلاقة وكيف انتصر فيها القائد الرباني يوسف بن تشفين اللمتوني رحمه الله وكيف ثبُت الحكم قرابة أربعين عاما ثم توفي رحمه الله في سنة 500 هـ .

وتولى الحكم من بعده ابنه علي بن يوسف بن تشفين وقبل أن نخوض في نتائج موقعة الزلاقة وما حدث بعدها نريد أن نجيب على سؤالين سئلا بخصوص ما سبق :

السؤال الأول : ما معنى كلمة البربر ؟ وما هي صلة البربر بالتصرفات البربرية عند بعض الناس ؟ .

كلمة البربر منفصلة تماما عن البرابرة أو التصرفات الهمجية والبربر هم من بني حام وليسوا كالعرب الذين هم ساميين وهم كالأوروبيين في أغلب الظن ولا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى وكلمة العروبة أو القومية العربية والاعتزاز بالعربية وعدم الاهتمام بالمسلمين من غير العرب تُلغي من الإسلام فالمسلمين مليار مسلم والعرب حوالي 200 مليون مسلم فقط .

السؤال الثاني : يقول صاحب السؤال لقد انبهرت بانتصارات المسلمين في موقعة مثل الزلاقة أو وادي برباط أو غيرها من المعارك التي خاضها المسلمون ولكن هذه المعارك كانت في السابق وفي الماضي أيام كانت الحرب بالسيوف والخيول وكان الجندي يقف أمام الجندي أما الآن فالحرب بالقنابل النووية والحرب إلكترونية وحرب طائرات والقوى غير متكافئة أبدا فإذا كان المسلمين قد انتصروا في الماضي فإن انتصارهم الآن أمر صعب جدا وليس كما سبق في تاريخ المسلمين .

الإجابة :-

هناك أمرين تحدثنا عنهما في هذه السلسلة وليتنا نكون قد فهمناهما :

الأمر الأول : أن من سنن الله تعالى أن أمة الإسلام لا تموت مهما كانت قوة الباطل ومهما ضعفت قوة المسلمين فلابد أن يقوم المسلمون بعد السقوط مهما تعاظمت قوة الكافرين { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ } (196) سورة آل عمران .

الأمر الثاني : ربما لم نعرف طبيعة المعركة بين الحق والباطل فالحق والباطل هي معركة بين أولياء الله تعالى وأولياء الشيطان وافهم الموقعة بهذه الصورة وتخيل النتائج فهل يتنصر أولياء الشيطان على أولياء الله مهما بلغت قوتهم ؟ .

دعونا نحلل المعارك بالمقاييس القديمة فهل كان أمرا طبيعيا أن يحقق المسلمون انتصارات في المعارك السابقة فمثلا أن ينصر 32 ألف مسلم في معركة القادسية على 240 ألف فارسي ؟ هل هذا أمر طبيعي أن ينتصروا وفي بلدهم ؟ وهل من الطبيعي أن 39 ألف مسلم في اليرموك ينتصروا على 200 ألف رومي ؟ وهل من الطبيعي أن 30 ألف مسلم في معركة تُسْـتُر ينتصروا على 150 ألف فارسي ثمانين مرة فقد كانوا يدخلون المعركة فينتصروا فيها ثم مرة أخرى وينتصروا فيها وهذا في خلال سنة ونصف ؟ وهل من الطبيعي أن ينتصر 12 ألف مسلم على 100 ألف نصراني في وادي برباط وكان النصارى في عقل دارهم ؟ فكلها أمور لا تحدث أبدا بقياسات الماضي ولكنها حدثت لأن المسلمين كان يقف معهم الله وهؤلاء معهم الشيطان وإن جند الله هم الغالبون .

فالله عز وجل هو الذي يحارب الكافرين وانظر لقول الله عز وجل { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى } (17) سورة الأنفال ، ويقول الله عز وجل { ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ } (4) سورة محمد .

إن الله عز وجل يختبر المؤمنين بحربهم للكافرين والذي يقول إن الموقف في الماضي يختلف عن الموقف الحاضر وإن حروب الماضي مختلفة عن حروب الحاضر وهو يعلم أن الله عز وجل هو الذي نصر الصحابة ومن تبعهم فهذا كأنه يقول وحاشا لله من هذا الكلام ( إن الله كان قادرا على عاد وثمود وكان قادرا على فارس والروم ولكنه ليس بقادر على أمريكا وروسيا واليهود ومن حالفهم من الأمم الحاضرة ) ويقول الله عز وجل { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } (15) سورة فصلت .

وانظر لوصف الله عز وجل للذين كفروا حيث يقول { اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا @ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا } (43 ، 44) سورة فاطر .

والذي يجب أن ينشغل به المسلم هو أين دوره في قيام المسلمين وأين دوره في الانتصار الذي يشبه انتصار الزلاقة وما إلى ذلك فإن كان قيام المسلمين بك فأنت مأجور وإن لم ترى نصرا وإن كان القيام بدونك فقد ضاع عليك الأجر حتى لو كنت معاصرا للقيام .

ونرجع الآن لتحليل الموقف في موقعة الزلاقة والتي كانت في سنة 479 هـ والتي كان قائد النصارى فيها هو ألفنسو السادس والذي مات بعد الموقعة بشهرين أو ثلاثة بسبب حزنه على الهزيمة الساحقة التي تكبدها من المسلمين وقد بُترت ساقه في هذه الموقعة واستُخلف على الحكم ابن ألفنسو السادس ومع أن الاستخلاف كان سريعا إلا أن النصارى لم يستطيعوا أن تكون لهم قوة إلا بعد 20 سنة أو أكثر ولم تحدث معارك بين المسلمين والنصارى إلا بعد حوالي 22 سنة من موقعة الزلاقة .

ويوسف بن تشفين مات وهو يبلغ من العمر 100 عام واستُخلف ابنه علي من بعده وقد حاول المرابطون تحرير كل الأراضي التي أُخذت من المسلمين على مدار السنوات السابقة فحاربوا في أكثر من جبهة وحرروا سرقسطة وضموها إلى أملاك المسلمين والتي هي في الشمال الشرقي من بلاد المسلمين واقتربت حدود دولة المرابطين من فرنسا وحاول المسلمون كثيرا تحرير طليطلة ولكنهم فشلوا في هذا الأمر وهي أكثر مدن الأندلس حصانة على الإطلاق ولكن المسلمين أخذوا كل القرى التي كانت حول طليطلة .

في سنة 501 هـ وبعد موت يوسف بن تشفين رحمه الله دارت موقعة ضخمة جدا بين المسلمين وبين النصارى وهي موقعة أقليش وتولى فيها القيادة على المسلمين علي بن يوسف بن تشفين وتولى فيها قيادة النصارى ابن ألفنسو السادس وانتصر المسلمون أيضا انتصارا ساحقا في هذه الموقعة وقتل من الصليبيين في هذه الموقعة 23 ألف صليبي واستمرت الانتصارات للمسلمين وفي سنة 509 هـ فتح المسلمون جزر البليار التي كانت قد سقطت في عهد ملوك الطوائف وأصبح المسلمون يسيطرون على جزء كبير جدا من أرض الأندلس .

في سنة 512 هـ تحدث ثورة في داخل بلاد المغرب وفي عقر دار المرابطين وهذه الثورة كان لها أثر سلبي على دولة المرابطين أدت بعد ذلك إلى هزيمتين متتاليتين من الصليبيين في بلاد الأندلس فهزيمة اسمها قَتَنْدَة وهزيمة أخرى هي القُلَيِّعَة .

ترى لماذا تقوم الثورة في ذلك الوقت في بلاد المرابطين ولماذا تحدث الهزائم ولماذا ينحدر الحال ؟ .

لو عدنا إلى بداية نشأة المرابطين نجد أن بداية الدولة قامت عندما أتى الشيخ عبد الله بن ياسين وظل الأمر يتدرج ببطء حتى دخل الشيخ عبد الله بن عمر اللمتوني رحمه الله وحدثت انفراجة قليلة ثم انتشار عظيم وتمكين ثم دنيا وسلطان وعز كبير جدا للمسلمين فماذا نتخيل من واقع دراستنا لتاريخ الأندلس والمسلمين بصفة عامة فخلال سبعين سنة من سنة 440 هـ إلى سنة 509 هـ دخل المسلمون في سلسلة من الانتصارات المتتالية والعلو والارتفاع والدنيا التي امتلكها المسلمون ووصلوا فيها إلى درجة عالية جدا من العز والسلطان فما الذي بتوقع حدوثه للمسلمين بعد ذلك ؟ .

الشيء المتوقع والعادي الذي حدث هو انكسار للمسلمين وسقوط جديد فقد فُتن المسلمون بالدنيا التي فتحت عليهم وكذلك بالأموال التي جاءتهم وقد يتعجب البعض أبعد يوسف بن تشفين وأبو بكر بن عمر اللمتوني وبعد هذا الجهاد العظيم يحدث هذا ؟ ولكن لماذا نتعجب من هذا الانكسار الذي حدث للمسلمين بعد وفاة يوسف بن تشفين ولا نتعجب من الانكسار الذي حدث للمسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بلا شك أعظم تربية للصحابة وأقوى أثر من يوسف بن تشفين ومع ذلك فبعد وفاته صلى الله عليه وسلم تحدث الردة فهذا أمر متوقع وهي دورة من دورات التاريخ .

ما هي شواهد الانكسار أو الأسباب التي أدت إليه ؟ .

الحق إن المرابطين فُتنوا بالدنيا وإن استمر الجهاد وكثرت الذنوب في البلاد وإن استمر وجود العلماء فكيف يفتن الناس بالدنيا وهم يجاهدون وكيف تكثر الذنوب والعلماء موجودون ؟ .

الأمر الأول :
ارتكب المسلمون خطأ شديد وعلى المسلمين أن يحذروا منه دائمة والخطأ هو التركيز على جانب من جوانب الإسلام وترك الجوانب الأخرى فالمرابطون قد انشغلوا بالجهاد في سبيل الله وتركوا تعليم الناس وتثقيفهم في الدين والتعليم أمر صعب والناس بطبيعتها لا تحب من يعطي لها قوانين وبرامج وهي في طبيعتها متفلتة من التعلم والالتزام بالدين فينبغي أن تبذل جهدا ضخما حتى تعلمها أمر دينها .

والإسلام دين متوازن لا يُغلب جانبا على جانب آخر فالمرابطون اهتموا بالجهاد وتركوا تعليم الناس واهتموا بالسياسة الخارجية وتركوا سياستهم الداخلية ولو نظرت في تاريخ عبد الرحمن الناصر لوجدت أنه أقام دولة متوازنة في الجهاد والعلم والقانون والعمران والعبادة وكل شيء فقد كون الدولة التي تسد حاجات الروح الجسد وكذلك كان من نجاح الشيخ عبد الله بن ياسين أنه أقام الجماعة المتوازنة التي تهتم بكل جوانب الحياة وتعطي كلا منها جانب مناسب من الوقت والجهد فكما علم الناس أن يكونوا مجاهدين علمهم أن يكونوا عابدين لله وكما علمهم أن يكونوا سياسيين بارعين علمهم أن يكونوا متعاملين بمعاملة الإسلام .

لكن أن يوجه المسلمون كل طاقاتهم في سنة 509 هـ وما بعدها إلى الجهاد والعبادة ويتركوا أمور السياسة الداخلية وتثقيف الناس وتعليمهم أمر الدين والسيطرة على المعاصي التي بدأت تنتشر في البلاد كل هذا أدى إلى حدوث هزة في بلاد المرابطين .

الأمر الثاني :
كثرة العلماء مع انتشار الذنوب في بلاد المرابطين سواء في الأندلس أو أفريقيا ومن الطبيعي أن تكثر الذنوب وذلك لانفتاح الدنيا على المسلمين لأن معظم الذنوب تحتاج إلى أموال كثيرة فلكي تشرب الخمر فأنت تحتاج إلى مال ولكي تشرب مخدرات تحتاج إلى أموال كثيرة ولكي تدخل ملاهي ليلة تحتاج إلى أموال وطبعا هناك الغني الشاكر ولكن الأصل أن الناس إن كثرت الأموال في أيديهم كثرت ذنوبهم ونذكر قول الله عز وجل على لسان قوم نوح عليه السلام { فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ } (27) سورة هود ، فالذين أتبعوا نوحا عليه السلام هم الفقراء والضعفاء فالذنوب متوقعة لما تكثر الأموال ولكن مع كل هذا أين العلماء ماذا كانوا يفعلون ؟ .

حدث خطأ فادح من العلماء إذ أنهم انشغلوا بفرعيات الأمور وأغفلوا أساسياتها فقد انشغلوا بالفروع عن الأصول وأخذوا يألفون المألفات ويعقدون المناظرات في أمور لا ينبني عليها أمر هام بينما أغفلوا أمورا ما صح لهم أن يتركوها فقد كانوا يقومون بعمل مناظرات طويلة جدا في كيف تضع يدك أثناء الصلاة ؟ ومناظرات أخرى في وضع السبابة أثناء التشهد فهل ترفع في أول التشهد أم في منتصفه ؟ وهل ترفع ساكنة أم متحركة ؟ وهل حركة رأسية أفقية أم حركة دائرية ؟ وهل لو كان متحرك بأي معدل سريع أم بطيء ؟ يعني أمورا غاية في العجب ومناظرات طويلة جدا في المرجئة والمشبهة والمجسمة وأشياء لم يكن الناس يسمعون عنها أو يرونها ونتج عن هذا التعمق في الفروع عدة أمور :

أولا : جدار عظيم بين العلماء والعامة فلا العامة يفهمون العلماء ولا العلماء يفهمون العامة وصلى الله على نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يتكلم بالكلمة فيفهمه كبير الصحابة ويفهمه الأعرابي البسيط ويفهمه الرجل وتفهمه المرأة ويفهمه الكبير ويفهمه الصغير ولكن حدث الجدار لما انشغل العلماء بالفروع .

ثانيا : تجادل العلماء في هذه الفروع وتركوا مصائب عظام كانت تحدث في المجتمع فقد كانت الخمور تُباع وتشترى بل وتصنع في البلاد ولا يتكلم أحد وضرائب باهظة تُفرض على الناس في غير الزكاة بغير وجه حق ولا يتكلم أحد من العلماء وظلم الولاة لأفراد الشعب ولا يتكلم أحد من العلماء وملاهي للرقص تعلن عن نفسها في البلاد ولا يتكلم أحد من العلماء وخروج النساء بلا حجاب ولا يتكلم العلماء عن هذا وتخيلوا أن النساء في سنة 509 هـ وما بعدها كن يخرجن بغير حجاب سافرات والعلماء لا يتكلمون في هذه الأمور .

إذن لنقم بحصر ما حدث أواخر عهد المرابطين :

1- غياب الشمولية في الدولة ( عدم التوازن فيما تفعله الدولة ) .
2- فتنة الدنيا والمال .
3- كثرة الذنوب .
4- جمود الفكر عند العلماء وانعزالهم عن المجتمع .
5- أزمة اقتصادية حادة في البلاد فقد غاب المطر لسنوات طويلة .

وقد يسأل البعض لماذا توقف المطر وهل هي صدفة ؟ ..فنقول لا ليست صدفة ولنقرأ قول الله عز وجل { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } (96) سورة الأعراف ، وانظروا لكلام نوح عليه السلام لقومه { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا @ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا @ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا } (10، 11 ، 12) سورة نوح .

فالله عز وجل يبتلي المؤمنين بأزمات اقتصادية عندما يبتعدوا عن دين الله عز وجل ولو لاحظت في بلدك أن الحالة الاقتصادية بدأت تسوء وبدأت الأموال تقل في أيدي الناس وبدأت الناس تعمل ساعات وساعات ولا تحصل ما يكفي لسد رمقهم أو ما يكفي لعيشهم عيشة كريمة فاعلم أن هناك خللا في العلاقة بين العباد وبين الله سبحانه وتعالى .

وتلى هذا الوضع هزائم متكررة كما ذكرنا فموقعة قتندة حدثت سنة 514 هـ هُزم فيها المسلمون وموقعة القُليعة سنة 523 هـ هُزم فيها المسلمون ومن الواضح أن البلد تتجه إلى كارثة أو هاوية إن لم يقم المصلحون يعدلون من جديد ليأخذوا بيد الناس إلى طريق الله عز وجل وليسيروا على درب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مثل هذا الجو لابد أن يقوم مصلحون ولابد أن يقوم منكرون للمنكر وآمرون بالمعروف فمن الذي قام ؟ .

قام رجل اسمه محمد بن تُومِر وهو رجل من قبائل مصمودة البربرية وبعض الناس تقول إنه من العرب بل وبعضهم يقول إنه من قريش ولكن أغلب الظن أنه من البربر ونحن الآن نريد أن نركز تركيزا شديدا على قيام ثورة محمد بن تومر الإصلاحية في دولة المرابطين والتي قامت في سنة 512 هـ .

كان منهج محمد بن تومر في التغيير مختلفا عن منهج الشيخ عبد الله بن ياسين رحمه الله وتعالوا ننظر إلى الحدث ثم ننظر إلى النتائج ثم نحلل الأمور بعد التفصيل .

وُلد محمد بن تومر المصمودي هذا في سنة 473 هـ ونشأ في بيت متدين في قبيلة مصمودة وظل في هذا البيت إلى سنة 500 هـ أي أنه في هذه السنة كان يبلغ 27 سنة وكان متشوقا إلى العلم وكان من عادة العلماء أنهم يتجولون في الأرض ويتعلمون من العلماء في شتى بقاع الأرض من علماء المسلمين في مختلف الأقطار وفي هذه السنة سافر محمد بن تومر إلى قرطبة وتلقى العلم هناك ثم لم يكتفي بذلك بل سافر إلى بلاد المشرق فسافر إلى الإسكندرية ثم إلى مكة فقد حج هناك وتعلم على أيدي علماء مكة فترة من الزمن ثم ذهب إلى بغداد وقضى هناك عشر سنوات كاملة وتعلم من علماء بغداد وكانت بغداد في ذلك الوقت فيها تيارات مختلفة فقد كان فيها علماء للسنة كثيرين وعلماء للشيعة كثيرين وعلماء للمعتزلة فتلقى العلم على أيدي هؤلاء جميعا ثم ذهب إلى الشام وتلقى العلم على يد الغزالي صاحب الإحياء ثم عاد إلى الإسكندرية ثم إلى بلاد المغرب .

ويقول ابن خلدون عندما وصف محمد بن تومر عند عودته إلى بلاد المغرب العربي في سنة 512 هـ ( أصبح محمد بن تومر بحرا متفجرا من العلم وشهابا في الدين ) أي أنه جمع علوم كثيرة جدا ومن تيارات مختلفة من تيارات المسلمين فجمع أفكار ضخمة وأصبح بالفعل من علماء المسلمين وفي طريق عودته من بلاد العراق والشام بقي في الإسكندرية فترة ليُكمل فيها تعليمه وفي خلال هذه الفترة بدأ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولكن ذلك الرجل مع علمه الغزير اتصف بصفة يصعب أن تكون فيمن عنده علم فقد كان شديدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شدة تدعو إلى التنفير فكان ينفر كثير من الناس عندما يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر حتى إن أهل الإسكندرية طردوه منها بسبب فظاظته وألقوه في سفينة متجهة إلى بلاد المغرب العربي .

وعندما ركب في السفينة ظل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيها وظل يختلف مع من في السفينة اختلافا كبيرا فقد منع الخمور على السفينة وأمر بقراءة القرآن مع أن الناس في السفينة كانت بعيدة عن المنهج الإسلامي ومن شدته عليهم أمسكوا به وألقوه من السفينة في البحر وتركوه وذهبوا وهو في وسط البحر وانطلقوا إلى بلاد المغرب وظل محمد بن تومر يسبح بجانب السفينة ولكن من في السفينة شقّ عليهم منظر محمد بن تومر فأخذوه مرة أخرى إلى السفينة على أن يصمت إلى أن يصل إلى بلاد المغرب العربي .

ووصل بالفعل إلى بلد تسمى المهدية في تونس ونزل هناك وبدأ كالعادة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وبنفس الطريقة وأيضا بدأت الناس تنفر وتبتعد عنه وكان محمد بن تومر يريد تغيير المنكر تغييرا مفاجئا وسريعا وهذا أمر مخالف للسنن حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بدأ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في مكة ما أمر بهذه الأمور فجأة بل إن الأمور كانت مدرجة فمثلا كان يُؤمر بترك الربا بصورة متدرجة وكان يُؤمر بترك الخمور بصورة متدرجة وكان يؤمر بالقتال في سبيل الله بصورة متدرجة .

ونذكر كلاما لطيفا عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله لما تولى الخلافة وكان هناك الكثير من المنكرات في دمشق وما حولها من البلاد فقد كان ابن عمر بن عبد العزيز شديدا جدا في الحق فأراد أن يغير كل المنكرات فوجد أباه عمر بن عبد العزيز رحمه الله يغير في الأمور بصورة متدرجة فشق ذلك عليه وذهب إلى أبيه وقال له إن له هيمنة على الأمور الآن ويجب أن تغير هذا المنكر كله وتقيم الإسلام كما ينبغي أن يقام فقال له عمر بن عبد العزيز رحمه الله ( يا بني لو حملت الناس على الحق حُملة واحدة تركوه حُملة واحدة ) وهكذا كان يريد أن يتدرج مع الناس .

محمد بن تومر كان يريد أن يغير كل شيء تغييرا جذريا بل وبأسلوب فظ شديد وانظر إلى قوله سبحانه وتعالى { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } (159) سورة آل عمران ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم خير البشر إن دعا إلى الله بفظاظة لانفض الناس من حوله فما بالنا بعموم الناس ومحمد بن تومر لم يراعي هذا وبدأ الناس ينفضون من حوله ولكنه وهو في المهدية قابل رجلا واسمه عبد المؤمن بن علي .

فعبد المؤمن بن علي كان يريد ما أراده محمد بن تومر من قبل فقد كان يبحث عن العلم ويبحث عن الدين فتقابلا في المهدية في تونس وسأل محمد بن تومر عبد المؤمن عن سبب تركه لبلاد المغرب العربي فأجابه عبد المؤمن بن علي بأنه يبحث عن العلم وعن الدين فقال محمد بن تومر له عندي العلم وعندي الدين .

فأخذ محمد بن تومر يعلم عبد المؤمن بن علي من علمه فأُعجب به جدا وتآخيا في الله ومنذ أن تعرفا على بعضهما البعض حتى بقيا معا إلى أن مات محمد بن تومر .

تعلم عبد المؤمن العلم من محمد بن تومر مع الطريقة أي تعلم الفظاظة في دعوة الناس إلى المعروف وفي نهيهم عن المنكر وبدأ الاثنان يدعوان إلى الله تعالى في بلاد المغرب العربي وانضم إليهما خمسة فأصبحوا في النهاية سبعة ولننظر لما يفعله محمد بن تومر بعد ذلك .

وجد محمد بن تومر أن المنكرات قد كثرت جدا في بلاد المرابطين ونظر فوجد أن الخمور قد فشت في أماكن كثيرة حتى في مراكش العاصمة التي أسسها يوسف بن تشفين رحمه الله ووجد أن السفور الاختلاط قد انتشر ووجد أن الولاة بدأوا يظلمون الناس ويفرضون عليهم الضرائب ويأكلوا أموال اليتامى حتى إنه شاهد امرأة سافرة تخرج في فوج كبير جدا في حرس خاص بها فسأل عن هذه المرأة السافرة فوجدها ابنة علي بن يوسف بن تشفين أي أنها ابنة أمير المسلمين في هذا المكان .

فأخذ محمد بن تومر جماعته المكونة من ستة أفراد وعرض عليهم فكرته في التغيير وقال لهم إن المعاصي قد انتشرت في بلاد المرابطين وأرى أن الحل لهذا الأمر هو أن نقصي الحكام عن الحكم ونبدأ بعلي بن يوسف بن تشفين ومن معه من الحكام أو الولاة ومن معه من الجيش فنخرج عليهم ونقصيهم من الحكم ويكون في أيدينا الحكم فنستطيع أن نغير في البلاد ما نغيره على شرع الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو لا يريد أن يبدأ الطريق الطويل طريق التربية الذي سلكه الشيخ عبد الله بن ياسين رحمه الله من قبل ولكنه يريد أن يُزيل علي بن يوسف بن تشفين ومن معه من الحكام ويسيطر على الأمور .

كان علي بن يوسف بن تشفين يقيم شرع الله عز وجل وكان يجاهد ولكن كانت عنده تجاوزات وقد ذكرناها وما كان يجوز لـمحمد بن تومر ومن معه من الرجال على صدق نواياهم فيما يبدوا لنا وعلى تقشفهم وزهدهم وعلمهم الغزير أن يخرجوا على الحاكم بل كان عليهم أن يقيموا الأمر وأن يعاونوه على العودة إلى طريق الإسلام من جديد وعلى تعليم الناس وتربية الناس وانظر لتغيير رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلت عليه الرسالة ودعا للإسلام وخالفه المشركون وكان من الممكن أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله أن يقتل كل منهم مجموعة من صناديد قريش ثم يتولى هو الحكم في قريش ويحكم بشرع الله ولكن هذه ليست سنة الله سبحانه وتعالى في التغيير ولذلك لم يتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأ يربي الناس في مكة ثم في المدينة ثم فتح مكة ثم السيطرة على الجزيرة العربية وهذا هو المنهج الذي اتبعه الشيخ عبد الله بن ياسين لما أراد التغيير في الناس .

ونجد محمد بن تومر مختلف في طريقة التغيير وأيضا عنده فظاظة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترى إلى ماذا انتهى الأمر بمحمد بن تومر ؟ .

سمع علي بن يوسف بن تشفين بـمحمد بن تومر وسمع أنه يدعو الناس إلى الخروج على الحاكم علي بن يوسف بن تشفين ففكر علي بن يوسف بن تشفين بعقد مناظرة بين محمد بن تومر وبين علماء دولة المرابطين في ذلك الوقت وكانت هذه المناظرة في قصر الخليفة .

أتي علي بن يوسف بن تشفين بـمحمد بن تومر وأتى بعلماء المسلمين وبدأ الفريقان في المناظرة وكان على رأس علماء دولة المرابطين مالك بن وهيب رحمه الله وكان كبير علماء دولة المرابطين وكان قاضي القضاة في ذلك الوقت وكان الفريق الآخر هو محمد بن تومر ومعه ستة من أصدقاءه ومسالة المناظرة تلك تجعلنا نعرف أن علي بن يوسف بن تشفين فيه الخير وإلا كان من الممكن أن يأخذ محمد بن تومر ومن معه ويضعهم في السجن ويقتلهم ولا يعطي لهم فرصة للمناظرة ولكنه جعل المناظرة بين محمد بن تومر وبين العلماء الآخرين .

في هذه المناظرة تفوق محمد بن تومر على العلماء تفوقا ملحوظا فهو من العلماء الكبار جدا وظل يدرس علم المجادلة في بغداد وتعلم على يد المعتزلة ويدرس كتب الفلاسفة وكيف يجادلون وكيف يحاورون فاستطاع أن يحاجهم جميعا في كل القضايا التي أثيرت بينه وبينهم حتى أن علي بن يوسف بن تشفين بكى في مجلسه لما رأى كثرة المعاصي التي في البلد وهو لا يدري عنها شيئا أو يدري عنها ولا يغيرها فبكى من الخشية لما سمع كلام محمد بن تومر .

أسر مالك بن وهيب في أذن علي بن يوسف بن تشفين وقال له إنه يجب عليه أن يعتقل محمد بن تومر وتُنفق عليه دينارا في كل يوم في السجن وإلا ستمر عليك الأيام فتنفق عليه كل خزائنك دون أن تقدر عليه .

وكان في مجلس علي بن يوسف بن تشفين وزيره وهذا الوزير نصح عليا بألا يعتقل محمد بن تومر لأنه لو اعتقل محمد بن تومر سيكون متناقضا مع نفسه ويقصد أن علي بن يوسف بكى من خشية الله لما سمع كلمات محمد بن تومر ثم تأتي من بعد ذلك وتعتقله والسبب الثاني أن هذا الرجل مجرد رجل ومعه ستة رجال فما الذي يجعلك تخشى هذا الرجل ؟ .

بدأ علي بن يوسف بن تشفين يوازن بين الرأيين بين رأي الوزير وبين رأي مالك بن وهيب قاضي القضاة وفي النهاية أطلق محمد بن تومر خوفا من أن يحبسه دون وجه حق فمازال في هذا الرجل خير فأخرج محمد بن تومر من مجلسه ولم يحبسه .

لما خرج محمد بن تومر من مراكش والتي كانت فيها المناظرة ذهب إلى صديق له في بلد مجاور ونصحه أن يخرج إلى قرية تسمى تَيْنِمَلَل .

كان محمد بن تومر في حياته زاهدا جدا وكان لا يحمل معه إلا عصى ولا يأكل إلا البسيط جدا من الطعام وكان صاحب علم غزير وبدأ الناس في هذه القرية الصغيرة يلتفون حوله ويسمعون كلامه وكان كلامه يؤثر فيهم وبدأ يكون حوله جماعة صغيرة بدأت تنتشر وسماها جماعة الموحدين .

كبرت شوكة محمد بن تومر ولكن بمجرد أن كبرت شوكته حتى ظهرت عليه انحرافات عقائدية خطيرة جدا فقد تعلم على يد الكثير من الناس فقد تعلم على يد السنة والشيعة والمعتزلة وتعلم في الشام وفي العراق وفي مكة ومصروغيرها فقد ظهر عليه خليط من العقائد المختلفة ونذكر منها :

أولا : ادعى العصمة وهذا أمر خاص بأئمة الشيعة وأخذ منهم هذا وطبعا نحن نعلم أن كل البشر يخطئون إلا الأنبياء فقط .

ثانيا : ادعى أن المرابطين من الـمُجَسِمَة ولكن المرابطين يثبتون لله صفاته وهو أخذ من المعتزلة إنكار صفات الله وتبعا لهذا الادعاء كفَّر المرابطين وقال إن علي بن يوسف بن تشفين كافر ومن معه من الولاة كافرون ومن معه من العلماء كافرون ومن يعمل تحت حكمهم ويرضى به من الكافرين .

ثالثا : استحل دماء المرابطين وأمر بقتلهم وقال إنك لست آثما إن قتلتهم بل محرزا لثواب عظيم .

وكان محمد بن تومر متساهلا في الدماء وهذه من صفات الخوارج وكان يقتل العشرات من المخالفين له حتى من فرقته أو جماعته الموحدين على الرغم من علمه الغزير حتى إن بعض الناس قالوا إنه ادعى خوارق وبعضهم قال إن ادعى أنه المهدي المنتظر .

الناس بدأت تصدق ما يقوله محمد بن تومر ولم تخالفه وذلك لأن علماء المرابطين انشغلوا بأمور فرعية عن تعليم الناس أصول العقائد والعبادات وصنعوا جدارا كبيرا بينهم وبين العامة والناس وجدوا في محمد بن تومر عالما يروي عن هذا وذلك ويعرف سير الصالحين فاعتقدوا بصدق ما يقول وأنه معصوم واعتقدوا بِحل قتل المرابطين بل والثواب العظيم من هذا القتل .

أراد محمد بن تومر من وراء تسمية جماعته بالموحدين أن جماعته فقط على الحق ويوحدوا الله حق التوحيد وأن من هم دون الموحدين فهم ضالين وكفرة وبدأ محمد بن تومر وجماعته يقاتلون المرابطين والتقوا مع المرابطين في مواقع كثيرة جدا منها الصغير ومنها الكبير ومنها تسع مواقع كبيرة جدا في تاريخ المسلمين وانتصر محمد بن تومر في سبع مواقع وهُزم في اثنين .

ونذكر على سبيل لمثال موقعتان :

الأولى في سنة 518 هـ فقد قُتل فيها من المرابطين 15 ألف مسلم على يد الموحدين والموحدين يحاولون أن يأمروا بالمعروف وينهون عن المنكر ولكن هذا ليس النهج الذي يريده الله عز وجل في تغيير المنكر .

الثانية موقعة تسمى البحيرة في سنة 524 هـ وفيها انتصر المرابطون على الموحدين وقتل فيها من الموحدين 40 ألفا مسلم .

عدد من قُتل على أيدي المسلمين من المسلمين في المواقع التي دارت بين الموحدين والمرابطين يزيد عن 80 ألف مسلم وذلك من سنة 512 هـ إلى سنة 541 هـ وذلك إلى أن قامت دولة الموحدين .

قامت دولة الموحدين على دماء 80 ألف مسلم فهل هذا هو النهج الصحيح للتغيير ؟ أهذا هو نهج رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ .

نريد أن ننظر للأحداث التي تلت هذا القيام ولنقارن بين قيام دولة المرابطين وقيام دولة الموحدين .

في سنة 524 هـ بعد موقعة البحيرة يموت محمد بن تومر وكان حتى آخر لحظة من حياته كان يأمر الناس بالأمر بالمعروف وينهاهم عن المنكر والزهد في الدنيا وإتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإتباع نهج الخلفاء الراشدين وعدم النكوص أبدا عن الجهاد في سبيل الله ولكن على فهمه هو وعلى الطريقة التي عرفناها وأمر الناس أن يسمعوا ويطيعوا لعبد المؤمن بن علي من بعده وهو الذي قابله في مدينة المهدية وأمرهم أن يسمعوا له مادام في طاعة لله ولرسوله وألا يسمعوا له إذا بدّل لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

تولى عبد المؤمن بن علي رئاسة الجماعة بعد محمد بن تومر وظل يرأسهم إلى سنة 541 هـ أي عندما سقطت دولة المرابطين وقامت دولة الموحدين وقد سقطت دولة المرابطين على إثر مجزرة في مراكش وقُتل فيها معظم المرابطين وكان هذا في سنة 541 هـ .

نحن ندرس التاريخ حتى نتعلم ولا نكرر أخطاء السابقين ولكي نكرر ما فعله الصالحون من المسلمين في سنوات الإسلام السابقة فهو تاريخ 1400 سنة وهو ليس بالتاريخ الهين أبدا وفيه الكثير من الصلاح وكثير من الفساد .

ترى ماذا حدث لدولة الموحدين بعد أن قامت على هذه الدماء وماذا فعل عبد المؤمن بن علي في قيادته لدولة الموحدين في سنة 541 هـ ؟ وهل انصلحت الأفكار التي كانت في ذهن الموحدين عن عصمة محمد بن تومر وأنه المهدي وأنهم يكفرون غيرهم من المسلمين ؟ .. هذا ما سنعرفه في المرة القادمة إن شاء الله .

هذا تلخيص لأحد دروس الشيخ راغب السرجاني عن الأندلس

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك