الخميس، 30 أكتوبر 2008

تاريخ الأندلس ( 5 )

توقفنا في المقالة الماضية عند موقف عبد الرحمن الداخل وكيف كان يتعامل مع الثورات وهل يجوز له أن يحارب الثائرين وإن كانوا من المسلمين ؟ .

في الحقيقة إن موقفه سليم في حرب الثائرين داخل أرض الأندلس لأن الجميع كان قد اجتمع عليه أميرا للبلاد فانظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو فاقتلوه) رواه مسلم .

ولذلك كان موقف عبد الرحمن الداخل صارما مع من أراد الثورة ذلك ليقمع هذه الثورات المتكررة ولكن من الإنصاف أن نذكر أنه كان دائما رحمه الله يبدأ دائما بالصلح ويكره الحرب إلا إذا كان مضطرا .

ترى هل كانت هذه الثورات التي حدثت في عهد عبد الرحمن الداخل بلا ثمن ؟ .

بلا شك كان الثمن غاليا ففي أول أربع سنوات من دخول عبد الرحمن الداخل الأندلس منذ سنة 138 هـ إلى سنة 142 هـ سقطت كل مدن المسلمين في فرنسا بعد أن حكمت بالإسلام مدة 47 عاما متصلة منذ أيام موسى بن نصير رحمه الله وحتى هذه اللحظات وهكذا فإنها من سنن الله الثوابت فإذا انشغل المسلمون بأنفسهم كانت الهزيمة أمرا حتميا .

لما انتهى عبد الرحمن الداخل رحمه الله من قمع هذه الثورات بدأ يفكر فيما هو بعد ذلك فبدأ في الاهتمام بالأمور الداخلية للأندلس فبدأ بإنشاء جيش قوي واعتمد فيه على ما يلي :

أولا : اعتمد على أهل البلاد الملقبين بالمُوَلَّدِين وهم أهل الأندلس الأصليين الذين أحبوا هذا الدين واعتنقوه .

ثانيا : اعتمد في جيشه على كل القبائل الموجودة في الأندلس فضم كل الفصائل ممن هم من بني أمية أو من غيرها فضم كل فصائل البربر وكان يضم رؤوس القوم حتى يأثروا في أقوامهم بل إنه ضم إليه اليمنيين مع علمه أن أبا الصُبَاح اليَحصُبي يدبر له مكيدة وصبر عليهم صبرا طويلا حتى تمكن من الأمور تماما ثم تخلص منه بعد 11 سنة .

ثالثا : وهذا عنصر هام جدا وهو الثقالبة وهم أطفال نصارى اشتراهم عبد الرحمن الداخل من أوروبا ورباهم تربية إسلامية عسكرية صحيحة منذ أن اشتراهم وذلك منذ أن كانت أعمارهم صغيرة مثلا سنتان أو ثلاثة أي لم يكن في أذهانهم فكر أو دين معين ثم يربيهم على تربية الإسلام الكاملة الشاملة من حيث صحة العقيدة وصحة العبادات وصحة الفهم والجهاد في سبيل الله منذ أن كان طفلا لذلك كان هؤلاء هم عماد الجيش عند عبد الرحمن الداخل ومن تبعه من أمراء بني أمية .

وصل تعداد الجيش الإسلامي في أواخر عهد عبد الرحمن الداخل إلى مئة ألف فارس ونحن نعلم أنه دخل البلاد وحيدا .

أيضا اهتم بالجانب الديني ونشر العلم وتوقير العلماء واهتم بالقضاء وبالحسبة واهتم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أعظم أعماله أنه بنى مسجد قرطبة الكبير وأنفق على بناءه ثمانين ألفا من الدنانير الذهبية وتنافس الخلفاء من بعده في زيادة حجمه حتى اكتمل بناءه في عهد ثمانية من خلفاء بني أمية .

انشأ أول دار لصك النقود الإسلامية في الأندلس وانشأ الرصاصة وهي حديقة من أشهر الحدائق في الإسلام وأتى لها بالثمار من كل بلاد العالم فإن نجحت زراعتها فإنها ما تلبس حتى تنتشر في بلاد الأندلس جميعا .

كان عبد الرحمن الداخل يعلم أن الخطر الحقيقي موجود في مملكة ليون في الشمال الغربي وفرنسا التي في الشمال الشرقي من بلاد الأندلس وبدأ هذا الرجل في تنظيم الثغور في بلاد الشمال ووضع جيوش ثابتة في هذه الثغور الملاقية لهذه البلاد الإسلامية .

أنشأ أيضا ما يسمى بالثغر الأعلى وهو ثغر سرقُسْطَة في الشمال الشرقي في مواجهة فرنسا وأنشأ ما يسمى بالثغر الأوسط ويشمل مدينة سالم ويمتد حتى طليطلة وأنشأ ما يسمى بالثغر الأدنى وهو في الشمال الغربي في مواجهة مملكة ليون النصرانية .

هذا الرجل كان له عادة عظيمة جدا تعلمها من آباءه وأجداده الذين كانوا في بلاد الشام وهي عادة الجهاد المستمر بصورة منتظمة ودائمة وذلك كل عام وكانوا يجاهدون في الصيف حين يذوب الجليد وكانت الجيوش تخرج كل عام في الشمال بهدف الإرباك الدائم للعدو وهذا يسمونه الآن في العلوم العسكرية الهجوم الإجهاضي المسبق .

كان عبد الرحمن الداخل شديد الاهتمام بالجيش فكان يقسم ميزانية الأندلس إلى ثلاثة أقسام :

قسم للجيش .

قسم لأمور الدولة بصفة عامة .

قسم للنوائب غير المتوقعة .

واهتم عبد الرحمن الداخل بإنشاء دور للأسلحة فأنشأ مصانع للسيوف ومصانع للمنجنيق وأشهرها كانت مصانع طليطلة ومصانع بربيل .

اهتم أيضا بإنشاء أسطول بحري قوي وإنشاء أكثر من ميناء ففي عهده تم إنشاء ميناء طَرْطُوشة وألمرية وأشبيلية وبرشلونة وغيرها .

كان يقول المؤرخون أنه لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام من الأندلس بالكلية فتعالوا نتعرف على صفة هذا الرجل العجيب .

لننظر لما قاله ابن حيان في وصف عبد الرحمن الداخل ليكون قدوة للشباب يستطيعون أن يسيروا على نهجها فقد كان يقول ( كان عبد الرحمن الداخل راجح العقل راسخ الحلم واسع العلم ثاقب الفهم نافذ العزم بريئا من العدل سريع النهضة متصل الحركة لا يخلد إلى راحة ولا يسكن إلى دعة بعيد الغور شديد الحدة قليل الطمأنينة بليغا مفوها شاعرا محسنا سمحا سخيا طلق اللسان وكان قد أعطى هيبة من وليه وعدوه وكان يحضر الجنائز ويصلي عليها ويخطب على المنبر ويعود المرضى ) .

هذه الكلمات المعدودة تعبر عن حياة المؤمنين الصادقين وإني لأتعجب عندما نرى شبابا في مثل سن عبد الرحمن الداخل يجلسون على المقاهي وينظرون للأفلام والمسلسلات فأنا أتعجب هل عندكم وقت لهذا ؟ فأين وقت التعلم والتفقه في الدين ؟ أين وقت التعلم والتفقه في الدنيا ؟ أين وقت الصلاة والقيام والذكر ؟ أين وقت عيادة المرضى وشهود الجنائز وصلة الأرحام وبر الوالدين ؟ أين وقت خدمة الناس والقيام على مصالحهم ؟ أين وقت تتبع أخبار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ؟ انظر إلى عبد الرحمن الداخل وتعلم يا أخي انظر كيف كانت همومه عظيمة ومع ذلك يقوم بكل هذا ولو وكّلَ أحد ما لامه أحد فانظر إليه مع شدته وقوته وحزمه تجده شاعرا محسنا رقيقا مرهف المشاعر ومع أنه ذا هيبة عظيمة عند أولياءه وأعداءه فإنه يتبسط مع الرعية ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم ويصلي بهم ومعهم ومع كونه قليل الطمأنينة وشديد الحذر فلا يمنعه هذا من مخالطة الناس ومن السير وسطهم دون حراس يمنعونه من الشعوب .

انظر إلى همته وقد جاء مطاردا مشردا مطلوب الرأس تجري وراءه جيوش كثيرة من عباسيين في المشرق وخوارج في المغرب ونصارى في الشمال وثورات في الداخل فإذا به يؤسس هذا البنيان القوي المتين .

وانظر إليه كيف كان يستفيد بكل من حوله فقد دخل عليه أحد الجنود في يوم من الأيام وكان هذا اليوم يوم انتصار على النصارى فتحدث معه الجندي بأسلوب فيه إساءة أدب وفيه رفع صوت فأخذ عبد الرحمن الداخل يعلم هذا الجندي ويقول له ( يا هذا إني أعلمك من جهل إنه يشفع لك هذا الموقف هذا النصر الذي نحن فيه عليك بالسكينة والوقار فإني أخاف أن تسيء الأدب في يوم ليس فيه نصر فأغضب عليك ) فإذا بالجندي يرد عليه ردا في منتهى الذكاء يقول له ( أيها الأمير عسى الله أن يجعل عند كل ذلة لي نصر لك فتغفر لي ذلاتي ) فقال عبد الرحمن الداخل رحمه الله ( هذا ليس اعتذار جاهل ) وقربه إليه ورفع من شأنه ، فكيف أزال هذا الرجل الضغينة من قلبه وكيف استفاد بالجندي لما رأى ذكاءه ولما رأى قدرته على التصرف في هذه الأمور .

ظل عبد الرحمن الداخل فترة طويلة جدا يختبر فيها أبناءه تراه يستخلف ابنه الكبير سليمان أم هشام وبعد اختبارات كثيرة واستشارات واستخارات استقر رأيه على الصغير هشام بن عبد الرحمن الداخل فولاه العهد مع كونه أصغر من أخيه فسبحان الله كان الناس تشبه هشام بـعمر بن عبد العزيز في علمه وعمله وتقواه .

ظل عبد الرحمن الداخل يحكم البلاد من سنة 138 هـ إلى سنة 172 هـ أي أنه حكم قرابة 34 عاما وكان هذا بداية تأسيس عهد يسمى عهد الإمارة الأموية في بلاد الأندلس والتي قلنا أنها استمرت من سنة 138 هـ إلى سنة 316 هـ ولكي نفهم هذه الفترة يمكننا أن نقسمها إلى ثلاثة فترات رئيسية :

الفترة الأولى استمرت مئة عام كاملة من سنة 138 هـ إلى سنة 238 هـ وكانت هذه الفترة فترة قوة ومجد وعز وهيمنة على ما حولها من المناطق أما الفترة الثانية فكانت فترة ضعف استمرت من سنة 238هـ إلى سنة 300هـ والفترة الأخيرة سنتحدث عنها فيما بعد .

بالنسبة لفترة القوة من 138هـ إلى 238هـ تحدثنا أن البداية فيه كانت لعبد الرحمن الداخل ثم خلفه من بعده ثلاثة أمراء :

الأول :
هو الابن المباشر لعبد الرحمن الداخل وهو هشام وقد حكم من سنة 172هـ إلى سنة 180هـ وكان رحمه الله عالما محبا للعلم وأحاط نفسه بالفقهاء وكان له أثر عظيم في بلاد الأندلس ذلك لأنه نشر اللغة العربية في بلاد الأندلس بمجهود وافر وعظيم حتى أصبحت اللغة العربية تدرس في معاهد اليهود والنصارى في بلاد الأندلس .

نشر أيضا المذهب المالكي بدلا من الأوزاعي وكانت له صولات وجولات كثيرة جدا مع ممالك النصارى الشمالية .

وتولى بعد هشام بن عبد الرحمن ابنه الحكم بن هشام من سنة 180هـ لسنة 206هـ لكن الحكم لم يكن على شاكلة أبيه ولا على شاكلة جده فقد كان قاسيا جدا فرض كثيرا من الضرائب واهتم بالشعر والصيد وقاوم الثورات بأسلوب غير مسبوق في بلاد الأندلس في عهد الإمارة الأموية فقد كان يحرق بيوت الثائرين وكان يطردهم خارج البلاد ومن أشهر الثورات التي قمعها ثورة قوم يسمون بالربض والربض منطقة في جوار قرطبة ثار أهلها ثورة كبيرة على الحكم ابن هشام فأحرق ديارهم وطردهم خارج البلاد .

وانظر لتدبير الله عز وجل لما طُرد هؤلاء إلى خارج البلاد انتقلوا بسفنهم إلى جزيرة كريت في البحر الأبيض المتوسط وأقاموا فيها مملكة إسلامية استمرت 100 عام متصلة .
ومع كل هذا لم يُوقف الحكم حركة الجهاد في الشمال لأن الجهاد كان عادة عند الإمارة الأموية ولكن كانت له انتصارات وكانت له هزائم وكنتيجة طبيعية لهذا الظلم الذي كان عند الحكم بن هشام وهذه العلاقة التي ساءت بين الحاكم والمحكوم سقطت بعض البلاد الإسلامية في يد النصارى فسقطت برشلونة والتي أصبحت إمارة نصرانية صغيرة جدا في الشمال الشرقي وعرفت في التاريخ باسم إمارة أَرَجُون وكانت متاخمة لحدود فرنسا بجوار جبال الفرينيه .

لكن من فضل الله وكرمه على الحكم بن هشام أنه في آخر عهده تاب وأناب واستغفر واعتذر للناس عن ذنوبه واختار من أبناءه أصلحهم وإن لم يكن الأكبر ليكون وليا لعهده ومن حسن خاتمته أنه قام بهذا الاعتذار وهو في كامل قوته وبأسه وظل عامين على هذه التوبة قبل أن يموت .

وتولى من بعد الحكم بن هشام ابنه عبد الرحمن الثاني والمعروف في التاريخ باسم عبد الرحمن الأوسط وقد حكم من سنة 206هـ حتى سنة 238هـ أي استمر حكمه إلى آخر عهد القوة في عهد الإمارة الأموية وكانت فترة حكمه فترة جيدة في تاريخ الأندلس فقد استأنف الجهاد من جديد ضد النصارى في الشمال وألحق بهم هزائم عدة وكان حسن السيرة وهادئ الطباع ومحبا للعلم ومحبا للناس .

ونعلق في حياته على ثلاثة أمور :

الأول : هو ازدهار الحضارة العلمية فقد ازدهر العلماء في كل مجال وكان أشهرهم هو عباس بن فرناس رحمه الله ومعروف جدا أنه أول من قام بمحاولة طيران في العالم وكانت له اختراعات عديدة فقد اخترع آلة لتحديد الوقت واخترع آلة تشبه القلم الحبر وقد نستصغر هذا الاختراع ولكن كانت له أهمية كبيرة في هذا الزمن ففي هذا الزمن الذي انتشر فيه العلم كان الناس بحاجة لشيء يساعدهم على الكتابة بسرعة ، وهو أول من اخترع الزجاج من الحجارة .

استخدم عبد الرحمن الأوسط العلماء من جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى استخدمهم من بغداد وجاءوا إلى بلاد الأندلس وكبرهم وعظمهم ورفع من قيمتهم وأسس نواة مكتبة قرطبة العظيمة وشاع التعليم في كل بلاد الأندلس وكان هذا بالنسبة للحضارة العلمية .

الأمر الثاني :
اهتمامه الشديد بالحضارة العمرانية الاقتصادية أي الحضارة المادية فقد ازدهرت التجارة في عهده وكثرت الأموال حتى أن جميع المؤرخين يذكرون أنه لم يكن هناك أبدا في الأندلس عادة التسول فلم تعرف هذه العادة لكثرة الأموال وتقدمت وسائل الري في عهده أيضا وتم رصف الشوارع وكل هذا في هذا الوقت من التاريخ الذي كانت فيه أوروبا في جهل وظلام عميق .

الأمر الثالث :
غزوات البايكينج أو غزوات النورمان وهم أهل الإسكندنافا في ذلك الوقت وهي بلاد تضم الدنمرك والنرويج وفنلندا والسويد وهذه البلاد كانت تعيش في همجية مطلقة وكانوا يعيشون على حرب العصابات وهذه البلاد فعلت ما يسمى بغزوات البايكينج وهي غزوات إغارة فهي تغير على بلاد العالم في أماكن متفرقة ليس لها هم إلا جمع المال وهدم الديار وما إلى ذلك فهجمت على أشبيلية في سنة 230هـ في عهد عبد الرحمن الثاني أو عبد الرحمن الأوسط وكان قوام الجيش في هذه الموقعة 45 سفينة دخلوا فأفسدوا في البلاد فسادا كبيرا وهذه هي طبيعة الحروب المادية بصفة عامة فكلها يدخل فيفسد في البلاد إفسادا عظيما فشتان بين المسلمين في فتحهم للبلاد وبين غيرهم في معاركهم .

دخل هؤلاء فدمروا أشبيلية تماما ونهبوا ثرواتها وهتكوا أعراض نسائها وتركوها لغيرها من البلاد إلى شاذونه وإلى ألمرية وإلى غيرها من البلاد فأشاعوا الرعب في البلاد وعبد الرحمن الثاني جهز جيوشه ودارت بينه وبينهم معارك ضارية استمرت أكثر من مئة يوم كاملة ومنَّ الله على المسلمين بالنصر وغرقت 35 سفينة كاملة للبايكينج وعادوا إلى بلادهم خائبين .

انظر لرد فعل عبد الرحمن الأوسط لهذا الفعل العظيم فقد استفاد من الأخطاء التي كانت سببا في دخول البايكينج لهذه البلاد :

أنشأ سور ضخم حول أشبيلية وهي تقع على نهر الوادي الكبير وهذا النهر يصب في المحيط الأطلنطي ومن السهل جدا أن تدخل سفن البايكينج من المحيط الأطلنطي إلى أشبيلية لذلك حصنها تحصينا ظلت بعده من أحصن حصون الأندلس بصفة عامة .

أنشأ أسطولين قويين جدا واحد في الأطلسي وواحد في البحر المتوسط حتى يدافع عن سواحل الأندلس فكانت هذه الأساطير تجوب البحار فتصل على أعلى حدود الأندلس في الشمال عند مملكة ليون ووصل في البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا وكان من نتيجة ذلك أنه فتح جزر البليار للمرة الثانية ونذكر أن الذي فتحها للمرة الأولى هو موسى بن نصير رحمه الله وذلك قبل فتح بلاد الأندلس ثم سقطت هذه الجزر في يد النصارى في عهد الولاة الثاني لما انحدر حال المسلمين ثم أعادها عبد الرحمن الأوسط في سنة 234هـ .

كانت هناك نتيجة عظيمة جدا لما انهزم البايكينج وهي السفارة التي جاءت من الدنمرك تطلب وُد المسلمين وتطلب المعاهدة معهم وترسل الهدايا وهكذا فالبعض من البشر لا تردعه إلا القوة .

وكان هذا هو عصر القوة في الإمارة الأموية وبوفاة عبد الرحمن الأوسط رحمه الله يبدأ عهد جديد في بلاد الأندلس وهو عهد الضعف في الإمارة الأموية من سنة 238هـ إلى سنة 300هـ أي حوالي 62 سنة متوصلة فقد تولى الإمارة من بعد عبد الرحمن الأوسط ابنه محمد بن عبد الرحمن ثم اثنين من أولاده المنذر ثم عبد الله .

والحقيقة إن الإنسان ليتعجب كيف بعد هذه القوة العظيمة والبأس الشديد والهيمنة على أرض الأندلس وما حولها يحدث هذا الضعف وهذا السقوط وهذا الانحدار وليس من سنن الله أن تسقط الأمم فجأة فإن الأمر يكون متدرجا وعلى فترات طويلة فلو تذكروا عهد الولاة الثاني والثورات والمكائد التي انتهت بدخول عبد الرحمن الداخل قلنا أن السبب وراء عهد الولاة الثاني كان انفتاح الدنيا والغنائم والقبلية والقومية وظلم الولاة وترك الجهاد .

لكي نعلم أسباب الضعف فيجب علينا أن ننظر في الفترة الأخيرة من عهد القوة ونبحث عن البذور التي أدت إلى الضعف .

السبب الأول :
انفتاح الدنيا على المسلمين وكثرة الأموال وهذا زاد بشدة في آخر عهد الإمارة الأموية وفي آخر عهد القوة وفتن الناس بالمال ونكرر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ) متفق عليه .

وكان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يخشى فتنة المال علينا فقد كان يقول ( إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال ) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح غريب .

وكان صلوات ربي وسلامه عليه يقلل من قيمة الدنيا فيقول ( ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بماذا يرجع) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح .

والسبب الثاني :
زرياب وما أدراك ما زرياب ؟
زرياب كان مطربا من مطربي بغداد وتربى هناك في بيوت الخلفاء وكان يغني لهم وكان معلمه هو إبراهيم الموصلي وهو كبير مطربي بغداد في ذلك الوقت ومع مرور الوقت لمع نجم زرياب في بغداد وغار منه إبراهيم الموصلي ودبر له مكيدة فطُرد من البلاد .

وجد زرياب ضالته في الأندلس حيث أنها لا تنتمي إلى الدولة العباسية وأيضا هي أرض فيها قصور وأموال وتجارة وحدائق ومع أن مثل هذه البلاد هي التي تستقبل المطربين إلا أن الأندلس إلى هذه الفترة لم يكن فيها غناء .

ولما ذهب زرياب إلى أرض الأندلس فاستقبلوه وعظموه وأدخلوه على الخلفاء وأدخلوه في بيوت العامة وأدخلوه في نواديهم فأخذ يغني للناس وأخذ يعلمهم ما قد تعلمه في بغداد ولم يكتفي بتعليمهم الغناء وتكوين ما يسمى بالموشحات الأندلسية المشهورة لكنه بدأ يعلمهم فنون الموضة فيقول للناس هناك لبس خاص بالصيف ولبس خاص بالشتاء ولبس خاص بالربيع ولبس خاص بالخريف ولبس خاص بالمناسبات العامة وهكذا تعلم في بغداد ولم يكن الناس في الأندلس على هذه الشاكلة فأخذوا يتعلمون من زرياب وأخذ يعلمهم فنون الطعام فكل يوم أكلة جديدة وكل يوم صنف جديد وهكذا تعلم الناس ألوانا كثيرة من الطعام وأخذ يحكي لهم حكايات الأمراء والخلفاء وأخذ يحكي لهم الأساطير والروايات وما إلى ذلك حتى تعلق الناس به بشدة وتعلق الناس بالغناء وكثر المطربون في بلاد الأندلس ثم بعد ذلك انتشر الرقص وكانت البداية للرجال ثم انتقل للنساء وهكذا .

في الوقت الذي دخل فيه زرياب الأندلس كان في عهد عبد الرحمن الأوسط رحمه الله الذي اهتم بالعلم والحضارة ولكنه للأسف ترك زرياب يفعل كل هذه الأمور ومع أن العلماء كانوا موجودين إلا أن كلام زرياب صرف الناس عن الاستماع إلى العلماء والاستماع إليه وصرف الناس عن سماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرف الناس عن سماع قصص السلف الصالح إلى سماع حكايات زرياب العجيبة وأساطيره الغريبة بل صرف الناس عن سماع القرآن الكريم إلى سماع أغاني زرياب ( كما يحدث في عصرنا هذا ) .

وهذا ليس عجيبا أو جديدا فلو تذكروا في بداية دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هناك رجل اسمه النضر بن الحارث وهو من رؤوس الكفر في مكة ولما رأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس بالقرآن فيتأثرون ويبكون ويؤمنون بهذا الدين ذهب إلى بلاد فارس وقطع أميالا كثيرة وقضى هناك فترات طويلة فماذا يفعل هناك ؟ .

كان يتعلم حكايات رستم ويتعلم الأساطير الفارسية واشترى غانيتين ( مغنيتين ) وعاد إلى مكة فإذا وجد في قلب رجل ميلا إلى الإسلام أرسل له غانيتين تغنيان له مما عرفه في بلاد فارس من حكايات رستم وغيره حتى يلهياه عن هذا الدين ويظل يفعل هذا كحرب مضادة للدعوة الإسلامية في بلاد مكة فأنزل الله سبحانه وتعالى فيه قرآنا { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (6) سورة لقمان .

وأقسم عبد الله بن مسعود أنها ما نزلت إلا في الغناء وهكذا الشيطان لا ينام ولا يهدأ حتى في وجود هذه النهضة العلمية { ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } (17) سورة الأعراف .

وكلما زاد الاهتمام بالدين كلما نشط الشيطان عن طريق زرياب ومن سار على نهج زرياب إلى يومنا هذا ونحن ننظر في رمضان عندما يتعلق الناس بالله يزداد الشيطان في مفعوله وهكذا يضع الناس على طريق غير التي أرادها الله سبحانه وتعالى لهم .

لنقم بأخذ عينة من الناس الذين يمشون في الشوارع ونسألهم أتحفظون القرآن أكثر أم الأغاني ؟ فلو كانوا يحفظون الأغاني أكثر فهذا أمر خطير وإن كانوا يحفظون قصص الأفلام والمسلسلات أكثر من قصص الأنبياء والصحابة والفتوح الإسلامية وما إلى ذلك فالأمر أيضا خطير .

ومازال إلى الآن تغنى موشحات زرياب في تونس والمغرب والجزائر ومازالت تدرس سيرته على أنه رجل من رواد التنوير والنهضة ويمجد من أجل حربه ضد الجمود وكفاحه من أجل الفن ولا حول ولا قوة إلا بالله .

سمعت رجلا في أحد الإذاعات يقول ( إن الله منَّ علينا بأن هرب من الأندلس بعد سقوطها رجال إلى المغرب والجزائر وتونس ومعهم الآلات الموسيقية فحفظوا للناس الكمان وبعض الآلات الموسيقية وبعض الموشحات الأندلسية ) ولا يعلمون أن هذا كان سببا رئيسا في سقوط بلاد الأندلس .

السبب الثالث :
جون جارينج الأندلس أو ما يسمى بعمر بن حفصون شبيه جون جارينج وهو رجل من المولدين أي أهل الأندلس الأصليين وإضافة حرفي الواو والنون تدل إنه من المولدين فمثلا سعدون أو زيدون أو إضافة واو وسين في آخر الكلمة فمثلا عمروس أو ما إلى ذلك وعمر بن حفصون هذا كان رجل قاطع طريق من أهل الأندلس الأصليين وكانت له عصابة كبيرة نسبيا مكونة من أربعين رجلا وأشتد خطره لما ركن الناس إلى الدنيا وتركوا الجهاد في سبيل الله وزاد حجمه في منطقة الجنوب والناس في هذه المنطقة كانت ترهبه بشدة فازداد عدد أنصاره واستطاع أن يسيطر على كل الجنوب الأندلسي وهو مسلم من أرض الأندلس .

ولكي يزيد من قوته في آخر عهده فعل فعلة لم تتكرر في تاريخ الأندلس إلا قليلا فقد تنصَّر وتحول إلى النصرانية سنة 286 هـ وسمى نفسه صامويل وبدأ يستعين ببلاد النصارى في الشمال وسبب تنصره هو أنه يريد أن يأخذ التأييد من مملكة الشمال في ليون فانقلب على عقبيه فأصبح نصرانيا وتخلى عنه بعض المسلمين إلا أنه نال مساعدة من مملكة ليون .

وتواكب مع هذا توقف الجهاد في شمال الأندلس مما أدى إلى تجرأ مملكة ليون على الحدود الإسلامية فبدأت تهاجم الأندلس من الشمال وعمر بن حفصون أو صامويل كان يهاجمها من الجنوب .

تماما كما تفعل أمريكا واليهود مع جون جارينج المتمرد في السودان فلما يمدوا جون هذا بالمال والسلاح والخرائط والأغذية والأموال والمؤن فكل هذا يهدف إلى ضرب السودان من الداخل وذلك لانشغالها بنفسها فتضعف القوة التي بداخلها كذلك لإيقاف المد الإسلامي من بلاد السودان إلى بلاد وسط إفريقيا .

وهذه خطة قديمة حدثت في بلاد الأندلس مع عمر بن حفصون وتحول إلى النصرانية ليضرب الأندلس من الداخل وتحدث الآن مع جون جارينج في السودان وحدثت قبل ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لما راسلت قريش عبد الله بن أبي بن سلول في المدينة المنورة وشجعته كثيرا أن يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطرده من المدينة .

بعد هذا الضعف وحوالي 62 سنة من الضعف نريد أن نعمل تحليلا لما عليه الوضع في نهاية هذه الفترة أي سنة 300هـ أي أواخر عهد الضعف :

أولا :
داخل الأندلس ثورات لا حصر لها بل واستقلال لكثير من المناطق وكان أهمها استقلال صامويل أو عمر بن حفصون وقد استقل جنوب الأندلس وكوّن ما يشبه الدويلة في هذه الرقعة من بلاد الأندلس ضم إليه الكثير من الحصون حتى إنه ضم إليه كل حصون أستجَّة وكل حصون جيَّان وهذه المناطق كانت من أحصن المناطق الأندلسية على الإطلاق وكانت غرناطة أحد المدن التي في حوزته واتخذ له عاصمة سماها بَبَشْتَر في الجنوب بجوار ألمرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط .

والثورة الثانية كانت في أشبيلية وفيها رجل يسمى ابن حجاج وهذه الثورة كانت تمد وتساعد عمر بن حفصون في ثورته ضد قرطبة .

أيضا كانت هناك ثورة في شرق الأندلس في منطقة بلنسيا وكانت هناك أيضا ثورة في منطقة سرقسطة في الشمال الشرقي واستقلت عن الإمارة الأموية في قرطبة وأيضا كانت هناك ثورة في غرب الأندلس يقودها رجل يسمى عبد الرحمن الزليقي وثورة في طليطلة أيضا وهكذا .

وهذه الأمور أدت إلى أن الحكومة التي في مدينة قرطبة لا تسيطر إلا على هذه المدينة وبعض القرى التي حولها فقط وهكذا انفرط العقد تماما في سنة 300 هـ وتوزعت البلاد بين كثير من القواد كلاً يحارب الآخر وكلا يبغي ملكا ومالا وكلا يبغي دنيا .

ثانيا :
تكونت مملكة نصرانية ثالثة في الشمال وقد ذكرنا من قبل أن هناك مملكة ليون وهذه تكونت في عهد الولاة الثاني لما ضعف المسلمون في عهد الولاة الثاني وكانت نواتها هي منطقة الصخرة التي لم تفتح بـموسى بن نصير ومن معه في بادئ الفتح ومملكة ليون كانت في الشمال الغربي من البلاد وذكرنا تكون مملكة صغيرة اسمها أرجون في عهد الحكم بن هشام الذي تميز بظلم فحدث له هزائم وتكونت مملكة أرجون في الشمال الشرقي من البلاد وكانت عاصمتها برشلونة .

الإمارة الثالثة التي تكونت كان اسمها نافار أو في بعض الكتب العربية نفارَّة والتي انفصلت عن مملكة ليون وتعرف الآن في أسبانيا باسم إقليم الباسك الذي فيه خلافات كثيرة ومحاولات الانشقاق عن أسبانيا الآن .

هذه الممالك النصرانية الثلاثة اجترأت على بلاد المسلمين ففي الوقت الذي كانت تخاف فيه من المسلمين في عهد الإمارة الأموية الأول فالآن بدأت تهاجم شمال الأندلس وبدأت تدخل على البلاد الإسلامية بل وبدأت تقتل المسلمين المدنيين في هذه المدن الشمالية في بلاد الأندلس .

ثالثا :
قُتل ولي العهد للأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأوسط ( الذي كان يحكم الأندلس في هذا الوقت ) والذي قتله هو أخوه المُطَرِّف بن عبد الله فانظر كيف تكون الفتن عندما يتفرق المسلمون وينشغلون بدنياهم وينشغلون بالأغاني والطرب وينشغلون بأنفسهم فانظر كيف تكون العاقبة .

قُتل ولي العهد وكان اسمه محمد بن عبد الله وأصبح الوضع في منتهى الخطورة فهناك ثورات في الداخل وحكومات نصرانية في الشمال تهجم على المسلمين وليس للبلاد ولي عهد وزاد أيضا من الأمور خطورة ظهور دولة في بلاد المغرب كانت من أشد الدول خطورة على بلاد الأندلس وكانت هذه الدولة هي الدولة الفاطمية أو العُبيدية .

هذه الدولة ظهرت في سنة 296هـ أي قبل سنة 300 بأربع سنوات فقط وظهرت هذه الدولة في بلاد المغرب العربي وكانت دولة شيعية خبيثة جدا فقد كان من همها الأول قتل علماء السنة في بلاد المغرب العربي ومحاولة نشر نفوذها من حول بلاد المغرب العربي فانتشرت بسرعة من المغرب إلى الجزائر إلى تونس ثم نعلم بعد ذلك أنها انتشرت إلى مصر والشام وإلى الحجاز وغير ذلك .

ولما ظهرت هذه الدولة أمدت عمر بن حفصون أو صامويل هذا بالسلاح والمؤن والغذاء عن طريق مضيق جبل طارق وذلك لأن عمر بن حفصون يضرب في الخلافة الأموية السُنية الموجودة في قرطبة فكان هذا عاملا آخر يزيد من صعوبة الموقف في هذه الآونة .

أيضا لما تنظر للشعب تجد أنه قد توقف تماما عن التفكير في الجهاد وانتشر في الناس روح سلبية فمعظم الناس يقولون ليست هناك فائدة ليس هناك طائل من محاولة التغيير وأنه ضاع الأمر بالكلية .

كنا منذ قليل نتحدث عن عبد الرحمن الأوسط وماذا فعله وعن عهد القوة ثم هانحن نتحدث عن الضعف وحالة اليأس والسلبية التي فيها الناس واعتقادهم أن الأمر قد انتهى .

لننظر نظرة عامة على المسلمين فمصر والشام يحكمهما الإخشيديون والموصل يحكمها ابن حمدان والقرامطة يحكمون البحرين واليمان وأصبهان يحكمها بنو بويه وخرسان يحكمها نصر الساماني وكرمان يحكمها محمد بن إلياس فأين الدولة العباسية ؟ وأين الخلافة العباسية ؟ .

كانت الخلافة العباسية لا تحكم إلا بغداد فقط ولا تبسط سيطرتها حتى على أطراف العراق فلم يكن هناك أي مدد من أيا من بلاد العالم الإسلام للأندلس فقد كانت بلاد العالم الإسلامي كلها مشتتة ومفرقة .

والناظر إلى بلاد الأندلس يرى أنه لا محالة الإسلام سينتهي من هذه البلاد وما هي إلا أيام أو شهور قلائل ويدخل النصارى ويأخذوا البلاد ولن تنقذ البلاد إلا بمعجزة جديدة مثل معجزة عبد الرحمن الداخل رحمه الله ثم إن الله سبحانه وتعالى بمنه وجوده أنعم على المسلمين بهذه المعجزة للمرة الثانية فمنّ عليهم برجل جديد ترى من هو هذا الرجل الذي ظهر في بلاد الأندلس ؟ ووحد الصفوف وقوى من شأن بلاد الأندلس فمن هو وكيف كانت خطواته فهذا ما سنعرفه في الجزء القادم إن شاء الله .

هذا تلخيص لأحد دروس الشيخ راغب السرجاني عن الأندلس

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك