الخميس، 30 أكتوبر 2008

تاريخ الأندلس ( 6 )

ربما يشتكي البعض من كثرة الأسماء والأحداث والتواريخ ولكننا الآن في دراسة لهذا التاريخ أي تاريخ 800 سنة وذلك لاستنباط الدروس .

ونبدأ في تذكيركم بما مضى في السابق حيث أننا قلنا أنه على سنة 300هـ كانت هناك حركات تمرد على الإمارة الأموية وكان أشهرها حركة عمر بن حفصون أو صامويل الذي تنصر في سنة 286هـ وأيضا كانت الحكومة المركزية الأموية لا تملك إلا قرطبة فقط وما حولها من القرى وهذا ما يمثل عُشر مساحة الأندلس في ذلك الوقت .

والشمال به ثلاثة ممالك نصرانية وهم أرجون ونافار وليون وكانت أكبرها هي ليون وكانت هذه الممالك تجترئ على الحدود الشمالية الأندلسية وتهجم عليها واحتلت بعض المدن الإسلامية مثل مدينة سالم .

أيضا الأمير عبد الله بن محمد كان قد مات وابنه الأكبر محمد الذي كان مرشحا للخلافة قُتل .

أيضا ظهرت الدولة العبيدية الشيعية في المغرب وهي تؤيد عمر بن حفصون أو صامويل بالسلاح عن طريق مضيق جبل طارق .

وسارت روح من السلبية في بلاد الأندلس أنه لا أمل من الإصلاح وبلاد المسلمين الأخرى لا يختلف حالها عن الأندلس وقد تمزق حال البلاد الإسلامية إلى دويلات كثيرة متفرقة .

في هذا الجو المليء بالهموم والفتن حدث أمر غريب ولكنه متوقع إذ أن جميع أبناء عبد الله بن محمد المرشحين للحكم قد زهدوا في الحكم وذلك لأنها تركة مثقلة جدا بالهموم ولا يتوقع أحد أنه قادرا على أن يصلح الأمور .

المرشحين للحكم قدموا حفيد عبد الله بن محمد الذي قُتل أبوه محمد بن عبد الله والذي قُتل منذ 22 سنة فهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأوسط والذي عُرف بالتاريخ باسم عبد الرحمن الناصر .

قام عبد الرحمن بأمر الإمارة فإذا به يغير الضعف إلى قوة ويغير الذلة إلى عزة ويغير الفرقة إلى وحدة وهي خطوات لابد أن تدرس بعناية ولابد أن ندرس ماذا فعل هذا الشاب وهو يبلغ من العمر 22 سنة هجرية أي 21 سنة ميلادية أي أنه لو كان في زماننا هذا لكان أحد شباب الجامعة .

فلننظر لخطوات عبد الرحمن الناصر في الإصلاح :

أولا :
عبد الرحمن الناصر رُبي تربية جيدة لم تتكرر في التاريخ فقد ربي ليكون عبد الرحمن الناصر فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ( يجعلوه يهوديا أو نصرانيا ) فإن لم نكن نحن عبد الرحمن الناصر فليكن أبنائنا هم عبد الرحمن الناصر ترى من منا يعلم أبناءه الصلاة عند سبع سنين وهل نضربهم عليها عند عشر ؟ هل يحفظ أبنائنا القرآن ؟ أم أنهم يحفظون أغاني هذا أو ذاك من المطربين والمطربات ترى هل نعلم أبناءنا السباحة وألعاب القوى والدفاع عن النفس أم أنهم مشغولون بأفلام الكرتون واللعب بالكوتشينة ؟ ترى عندما يكبر ابنك يريد أن يكون مثل من ؟ خالد بن الوليد أو صلاح الدين الأيوبي أو محمد الفاتح أم يريد أن يكون مثل ماردونا ومايكل جاكسون وتامر حسني ومن هم على نفس الشاكلة ؟ .

إنها مسؤولية كبيرة جدا وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .

عبد الرحمن الناصر قُتل أبوه وهو يبلغ من العمر ثلاثة أسابيع فقط فرباه جده الأمير عبد الله بن محمد فرباه ليفعل ما لم يستطع هو أن يفعله فرباه على سعة العلم وقوة القيادة والجهاد وحسن الإدارة ورباه على التقوى والورع ورباه على الصبر والحلم ورباه على العزة والكرامة ورباه على العدل مع القريب والبعيد رباه على الانتصار للظلم فرباه ليكون عبد الرحمن الناصر .

ثانيا :
دخل عبد الرحمن الناصر الإمارة وعنده ثقة كبيرة بالله عز وجل وثقة شديدة بنفسه بأنه يستطيع أن يغير فهو يثق أن الله سبحانه وتعالى قادرا على كل شيء ويثق في قوله تعالى { إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } (160) سورة آل عمران .

ويثق في نفسه أنه من الممكن أن يغير فهذا الرجل لو كان في قلبه إحباط من التغيير وأنه لا أمل من الإصلاح ما استطاع أن يتحرك خطوة واحدة لكنه مع صغر سنه إلا أنه أخذ على عاتقه مهمة من أثقل المهام في تاريخ الإسلام وبهذه المؤهلات والتربية من جده عبد الله بن محمد وبهذه الثقة الشديدة بالله وبالنفس دخل عبد الرحمن الناصر ليغير من التاريخ وأول ما فعله عبد الرحمن الناصر بدأ في تنظيف قرطبة ولا أقصد تنظيف الشوارع ولكن بدأ بتنظيف المراكز المرموقة بدأ بتنظيف المراكز الخاصة بالوزراء وقواد الجيش فبدأ ينظفها من رموز الفساد التي عمت وبدأ ينتقي من يتصف بالتقوى والورع ونظافة اليد وسعة العلم ويعطيه المركز القيادية في قرطبة فهو لا يملك من بلاد الأندلس إلا قرطبة وما حولها من القرى وقرطبة هي أكبر بلاد الأندلس على الإطلاق لأنها كانت العاصمة لسنوات طويلة فكانت أيضا مركز ثقل كبير ولكنها لا تمثل أكثر من عُشر الأندلس ولكنه بدأ يصلح في هذه المنطقة الصغيرة ثم أعلى من شأن العلماء جدا ورضخ لهم رضوخا كاملا وطبق ذلك على نفسه قبل أن يطبقه على غيره وطبق الشرع الإسلامي بحذافيره ولم يتنازل أبدا عن نقطة واحدة من نقط الشرع الكريم سواء في كتابه سبحانه وتعالى أو في سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

كان عبد الرحمن الناصر أول من طُبق عليه شرع الله ففي يوم من الأيام كان يحضر خطبة يوم الجمعة وكان قد بنى قصرا من القصور رحمه الله وكان يخطب الخطبة المنذر بن سعيد رحمه الله وهو من أكبر علماء قرطبة في ذلك الوقت وكان شديدا في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر حتى على عبد الرحمن الناصر رحمه الله فأسرف في الكلام وازداد في التقريع ( تأنيب ) لعبد الرحمن الناصر وذلك لأنه بنى قصرا كبيرا وعندما يعود عبد الرحمن الناصر إلى بيته يقول ( والله لقد تعمدني منذر منذ خطبته وما عنى بها غيري فأسرف علي وأفرط في تقريعي ولم يحسن السياسة في وعظي فزعزع قلبي وكاد بعصاه يقرعني ) ولما قال هذا العالم هذا الكلام أشار بعض الناس على عبد الرحمن بأن يخلع هذا المنذر بن سعيد عن خطبة الجمعة فقال الأمير عبد الرحمن الناصر ( أمثل منذر بن سعيد في فضله وخيره وعلمه يعزل ؟ يعزل لإرضاء نفس ناكبة عن الرشد سالكة غير القصد هذا والله لا يكون وإني لأستحي من الله ألا أجعل بيني وبين الله تعالى في صلاة الجمعة شفيعا مثل منذر في ورعه وصدقه ) ، وأبقاه على مكانته وأكثر المنذر بن سعيد من تقريع عبد الرحمن الناصر وما عزله حتى مات .

بدأ عبد الرحمن الناصر يربي أهل قرطبة على هذه المعاني وكان هو القدوة لهم ثم بدأ يفكر في الثورات الموجودة في كل أنحاء الأندلس ففكر أن يبدأ بعمر بن حفصون ولكن لماذا فكر بهذا التفكير ؟ .

أولا :
لأن عمر بن حفصون لما كان مسلما وارتد أصبح قتاله فرضا على المسلمين فهذا لا يختلف فيه اثنين أنه يستحق القتل لأنه ارتد عن دين الله سبحانه وتعالى .

ثانيا :
أن عبد الرحمن استطاع أن يحفز من هم تحت إمرته لقتال من هم مع عمر بن حفصون لأنهم من المرتدين .

فقاد حملة بعد شهرين فقط من توليه الإمارة وفي أول هذه الحملات استطاع أن يسترد مدينة أستُجَّة التي كانت من أحصن مدن الأندلس وبعد شهرين أو ثلاثة قاد عبد الرحمن الناصر بنفسه حملة على صامويل بن حفصون واستمرت الحملة ثلاثة شهور كاملة فكانوا شهر شعبان ورمضان وشوال وذلك في سنة 300 هـ في نفس العام الذي تولى فيه الإمارة فاسترد مدينة جيَّان وهي أيضا مدينة حصينة واسترد في جيان سبعين حصنا من حصون عمر بن حفصون فهذه المدينة ضخمة جدا .

ومازالت قوة عمر بن حفصون هذا كبيرة جدا فهو يأتيه المدد من الشمال من الممالك النصرانية وكذلك يأتيه المدد من الدولة الفاطمية في الجنوب ويأتيه المدد أيضا من أشبيلية والتي عليها حاكم مسلم ولكن هذا الحاكم متمرد على حاكم قرطبة أي الحاكم الأموي وأيضا له جيش كبير .

وقوة عمر بن حفصون هذا لا تنتهي بسبب هذه الإمدادات فعبد الرحمن يريد أن يقطع الإمدادات على هذا الرجل فبمن يبدأ ؟ .

هل يبدأ بالنصارى أم يبدأ بأشبيلية ؟ فكر عبد الرحمن الناصر في أن يهجم على أشبيلية فهي أكبر مدن الجنوب بعد قرطبة ..... فلماذا يبدأ بأشبيلية ؟ .

ذلك لأن عبد الرحمن الناصر له نزعة إسلامية وتأثير الدعوة الإسلامية على القلوب كبير فهو يفكر أنه إذا ذهب إلى أشبيلية واستطاع أن يرغم حاكمها على الانضمام له أو الانصياع له بالقوة فهو بهذا يضع أملا في أن ينضم إليه جيش أشبيلية المسلم الكبير وبهذا تقوى جدا جيوش الدولة الأموية في هذه الفترة فهي ستكون جيش عبد الرحمن الناصر وجيش أشبيلية معا .

ذهب عبد الرحمن الناصر إلى أشبيلية في سنة 301هـ أي بعد أقل من سنة من ولايته واستطاع بفضل الله وكرمه أن يضم أشبيلية فقويت شوكته جدا ثم عاد إلى عمر بن حفصون بعد ذلك وقد قطع المدد الغربي عنه الذي كان يأتيه من ابن الحجاج حاكم أشبيلية واسترد من عمر بن حفصون جبال رانده ثم شاذونه ثم قرمونه وهذه جميعا من مدن الجنوب ثم تعمق في الجنوب أكثر حتى وصل إلى مضيق جبل طارق فاستولى عليه وبذلك قطع المساعدات الفاطمية التي تقدم عن طريق مضيق جبل طارق وكذلك قطع الإمدادات الدول النصرانية لأنها تأتي من الشمال عن طريق المحيط الأطلسي ثم مضيق جبل طارق ثم البحر الأبيض المتوسط ثم تدخل على عمر بن حفصون وبذلك قطع الإمدادات على عمر بن حفصون من جميع النواحي .

ونتيجة لما حدث هذا طلب صامويل بن حفصون من عبد الرحمن الناصر المعاهدة فطلب صلح الأمان لأَجَل على أن يعطيه 162 حصن من حصون بن حفصون فوافق عبد الرحمن الناصر لأن البلاد عنده متقلبة شديدة التقلب وهو يريد أن يتفرغ لغيره فلما أمن جانبه وضمن في يده 162 حصن وافق على المعاهدة فعند وقت الحرب يحارب وعند المعاهدة تجده رحمه الله من أفضل الساسة .

نعيد تخيل الموقف مرة أخرى فالآن أصبحت قوة عبد الرحمن الناصر تضم قرطبة وأشبيلية وجيان وأستجة وهي جميعا من مدن الجنوب بالإضافة إلى حصون كثرة مجاورة لهذه البلاد وهذا ما يمثل سُدُس الأندلس في ذلك الوقت وأيضا عمر بن حفصون أو صامويل مازال يمتلك حصونا كثيرة ويسيطر على الجنوب الشرقي من البلاد ولكن قطعت عنه الإمدادات الخارجية سواء من النصارى أو الدولة الفاطمية أو أشبيلية وأيضا مازال هناك تمرد في طليطلة وهي موجودة في شمال قرطبة وأيضا هناك تمرد في سرقسطة وهناك تمرد في شرق الأندلس ومقره بلنسيا وهناك تمرد في جنوب الأندلس يقوده عبد الرحمن الجليقي .

الموقف الآن يجعلنا نقول أن الأندلس مقسمة إلى ستة أقسام فقسم واحد في يد عبد الرحمن الناصر وخمسة أقسام موزعة على خمسة من المتمردين .

من المتوقع أن يقوم عبد الرحمن الناصر بمقاومة أحد هؤلاء المتمردين ولكن عبد الرحمن الناصر يفاجئ الجميع بأمر شديد العجب لهذا الرجل المعجزة عبد الرحمن الناصر رحمه الله فماذا فعل ؟ .

ترك عبد الرحمن الناصر كل هذه المؤامرات وينظر في اتجاه الشمال الغربي فمملكة ليون تهجم على منطقة من مناطق المتمردين فيترك كل شيء ويأخذ جنده من قرطبة وأشبيلية ويصعد في اتجاه الشمال الغربي ليقابل قوات النصارى فهو يهاجمهم ويحاربهم لمدة سنتين كاملتين في أرض المتمردين ثم بعد أن ينتصر عليهم انتصارات كبيرة ويعود محملا بالغنائم يترك البلاد ويعود إلى قرطبة وأشبيلية وكأنه يعلم الناس أمر في منتهى الوضوح لكن كان قد خَفِيَ على الناس وهو أن العدو الحقيقي لكم أيها الناس هو النصارى في الشمال وليس الأعداء من داخل المسلمين فالعدو الحقيقي هو مملكة ليون ومملكة نافار ومملكة أرجون .

أحرج عبد الرحمن الناصر المتمردين إحراجا كبيرا أمام شعوبهم وحرك العاطفة في قلب الشعوب نحوه وكذلك تتحرك عواطف الشعوب تجاه من يدافع عن قضاياها الخارجية ومن يقاتل أعدائها الحقيقيين فهي نصيحة لكل المسلمين أن يوجهوا الشعوب إلى الأعداء الحقيقيين بدلا من تصارع كل قطرين مسلمين على الحدود بينهما فتعالوا نحرك قضية فلسطين كذلك قضية العراق أو كشمير أو البوسنة .

عبد الرحمن الناصر
كان في خلال هاتين السنتين قد أتم انتصارات عديدة بجيشه القليل نسبيا لكن معه العلماء والمجاهدون يرغبون الناس في الجنة ويرغبون الناس في الموت في سبيل الله وانتهت حملاته في سنة 304هـ وهي من أكبر الحملات التي قادها على النصارى وعاد محملا بغنائم كثيرة فلننظر لما حدث بعد عودته من قرطبة وأشبيلية .

انضمت سرقسطة بدون قتال إلى عبد الرحمن الناصر فهذه هدية من الله لمن ثبت على دينه ثم انظر إلى هدية أخرى من رب العالمين في سنة 306 هـ وهي أن صامويل بن حفصون يموت ويبلغ من العمر 66 سنة ويموت على نصرانيته وهو مرتد فينزل بسرعة عبد الرحمن الناصر مستغلا الحدث ويضم كل مناطق الجنوب الشرقي له واستتاب النصارى الذين انقلبوا من الإسلام إلى النصرانية فاستتابهم ثلاثة أيام فمن قبل منهم وعاد إلى الإسلام قبله في جيشه ومن أبى إلا أن يبقى على نصرانيته قتله ردة وكان من هؤلاء ابنة صامويل بن حفصون والتي كانت تحفز الناس على ألا يتركوا دين الآباء دين النصرانية فقتلها ردة أي لأنها ارتدت .

وفي سنة 308هـ يتحرك عبد الرحمن الناصر إلى طليطلة فالتمرد الذي كان فيها لم يستطع أن يقف أمام هذه القوة الإسلامية الجارفة التي كانت لعبد الرحمن الناصر رحمه الله فضمها إليه بسهولة ونريد أن نوضح أن عُمْر عبد الرحمن الناصر في هذه السنة 30 عاما فقط .

أصبح الشمال آمنا لعبد الرحمن الناصر إذ أن سرقسطة قد استسلمت له والتي كانت في الشمال الشرقي وكذلك طليطلة والتي كانت في الشمال أو وسط الشمال فيقوم عبد الرحمن الناصر رحمه الله بتوجيه حملة ضخمة جدا للنصارى وذلك في سنة 308هـ وكأن هذا الرجل لا يعرف تضييع الوقت .

والآن تبدأ غزوة مُوبَش الكبرى في سنة 308هـ ضد جيوش ليون ونافار واستمرت الغزوة ثلاثة شهور كاملة وعبد الرحمن الناصر على رأس الجيوش فهو يقوم بانتصارات ضخمة وغنائم عظيمة وضم مدينة سالم وقد سيطرت عليها النصارى .

في سنة 312 هـ بعد غزوة موبش بأربع سنوات يقود عبد الرحمن الناصر حملة ضخمة أخرى وبنفسه على مملكة نافار واستطاع في أيام معدودات أن يكتسحها اكتساحا ويضم إلى أملاك المسلمين مدينة دَنْدَلُونَة عاصمة نافار وبدأ رحمه الله يحرر من أرض المسلمين التي أخذها النصارى في عهد ضعف الإمارة الأموية .

وفي سنة 316هـ يقود حملة على شرق الأندلس ويقمع التمرد الذي كان هناك ويضمها إلى أملاكه ثم في نفس العام يقوم بحملة على غرب الأندلس وهزيمة لعبد الرحمن الجليقي وضم غرب الأندلس إلى أملاكه أيضا وبذلك وحد الأندلس كله تحت راية واحدة بعد 16سنة من الكفاح المضني فوحدها جميعا ولم يبلغ من العمر سوى 38 سنة فقط فرحم الله عبد الرحمن الناصر .

نظر عبد الرحمن الناصر إلى الخلافة العباسية فوجدها قد ضعفت جدا وقُتل المقتدر بالله الخليفة العباسي في ذلك الوقت على يد مؤنس المظفر التركي وتولى الأتراك الحكم فعليا في البلاد وإن كانوا وضعوا في الصورة الخليفة العباسي القادر بالله ثم نظر إلى الجنوب فوجد الفاطميين قد أعلنوا خلافة وسموا أنفسهم بأمراء المؤمنين فقال عبد الرحمن الناصر إنه هو وقد وحد الأندلس وصنع هذه القوة أحق بذلك الأمر منهم فأطلق على نفسه أمير المؤمنين وسمى الإمارة الأموية بالخلافة الأموية فيبدأ في الأندلس عهد جديد هو عهد الخلافة الأموية من سنة 316 هـ إلى سنة 400هـ أي 84 سنة متصلة .

يعتبر عهد الخلافة الأموية هو استكمال بعهد الإمارة الأموية لكن كانت قد بدأت أبهة الحكم وقوة السيطرة والسلطان تظهر على بلاد الأندلس .

في سنة 319هـ أي بعد ثلاثة سنوات من هذا الحدث ينزل عبد الرحمن الناصر إلى مضيق جبل طارق ويغزوا بلاد المغرب ويحارب الفاطميين ويضم إلى أملاك الأندلس سبتة وطنجة فيسيطر بذلك على مضيق جبل طارق ويبدأ بإمداد أهل السنة في منطقة المغرب بالسلاح لكن لا يلقي في المغرب بخيرة جنده لأنه كان يخشى من ممالك النصارى في الشمال .

انظر إلى هذا الحدث الذي في سنة 323هـ والذي يكشف شخصية عبد الرحمن الناصر رحمه الله حيث حدثت خيانة من حاكم سرقسطة وهي مملكة في الشمال الشرقي وحاكمها هو محمد بن هشام التجيبي وينضم إلى مملكة ليون لحرب عبد الرحمن الناصر فيتصدى عبد الرحمن الناصر لهذا الأمر ويذهب ليقاتل سرقسطة ويلتقي بجيشها على أطراف سرقسطة فيغزوا قلعة حصينة ويمسك بقواد هذا الجيش ويقوم بإعدامهم فورا أمام الجميع في منتهى الحزم والقوة فعندها يعلن حاكم سرقسطة محمد بن هشام التجيبي ندمه وعودته إلى عبد الرحمن الناصر فقبل منه عبد الرحمن الناصر رحمه الله ثم أعاده حاكما على سرقسطة فانظر إليه كيف أنه حكَّم عقله وألغى قلبه وكيف اكتسب كل قلوب التجيبيين بعد أن تملك الأمور منهم وتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم لما أطلق أهل مكة عندما فتحها وقال ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) فقد أطلق حكام سرقسطة بعد أن أعلنوا توبتهم وأطلق التجيبيين بل وأعادهم إلى حكمهم فأثر بذلك في المنطقة وما ارتدت بعد ذلك في عهدها مع عبد الرحمن الناصر فالحزم وقت الحزم والعفو عند المقدرة فرحم الله عبد الرحمن الناصر .

وفي سنة 325هـ هجم عبد الرحمن الناصر على مملكة نصرانية وهي أرجون وهي كانت بجوار سرقسطة وضمها إلى أملاك المسلمين وضم برشلونة والتي سقطت منذ سنوات كثيرة إلى أملاك المسلمين .

وانظر إلى هذا الحدث العجيب في سنة 327 هـ فقوة الجيش الإسلامي كانت قد بلغت شأنا عظيما فبلغت في هذه السنة 100 ألف مقاتل وكل الأندلس موحدة ويأخذ عبد الرحمن الناصر كل هذا الجيش ويتجه إلى ليون ليحارب النصارى في موقعة كبيرة وهي موقعة تسمى بموقعة الخندق أو موقعة تامورة وهناك ذلَّ عبد الرحمن الناصر ومن منا بلا أخطاء ، فقد دخل عبد الرحمن الناصر وهو يعتقد في قوته ويعتقد في عدده ويعتقد في جيشه ونسوا الدعاء الذي كانوا يدعونه لرب العالمين أن ينصرهم وهم ضعفاء فدخلوا الموقعة بهذا الجيش الكبير فإذا بنا أمام حنين أخرى وإذا بالتاريخ يتكرر والله سبحانه وتعالى ليس بينه وبين أحد نسب فإذا أخطاء العباد وبعدوا عن ربهم سبحانه وتعالى تكون الهزيمة محققة لا محالة .

هُزم المسلمون في موقعة الخندق أو موقعة تامورة وقُتل وأُسر من المسلمين 50 ألفا من جيش قوامه 100 ألف مسلم أي نصف الجيش كان بين قتيل وأسير وفر عبد الرحمن الناصر رحمه الله وفر الجيش وعادوا إلى قرطبة بهزيمة ثقيلة لكن عبد الرحمن الناصر الذي رُبي على الجهاد ورُبي على الطاعة لرب العباد ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم علِم أين الخلل وعلم أين الضعف .

فمن جديد تدارك الأمر بسرعة وحفز الناس وقام العلماء وقام المربون يعلمون الناس الإسلام من جديد فأعادوا هيكلهم من جديد ومن جديد قاموا بحرب عظيمة على النصارى في سنة 329 هـ فقام عبد الرحمن بحملات مكثفة وانتصارات تتلوها انتصارات من سنة 329 هـ إلى سنة 335 هـ حتى أيقن النصارى بالهلاك وطلب ملك ليون الأمان والمعاهدة على الجزية أن يدفعها له عن يد وهو صاغر وكذلك فعل ملك نافار وكذلك فعلت مملكة أرجون النصرانية التي كانت في حوزة عبد الرحمن الناصر فدفعوا جميعا الجزية لعبد الرحمن الناصر ابتداءً من سنة 335 هـ إلى آخر عهده رحمه الله في سنة 350 هـ .

كان هذا هو التاريخ السياسي والعسكري لعبد الرحمن الناصر رحمه الله ولكن لم يكن كل جهد عبد الرحمن الناصر موجها للسياسة وللحروب فقط بل كان متكاملا متوازنا في كل أموره رحمه الله فانظر إلى الحضارة التي أقامها رحمه الله فقد أنشأ هياكل إدارية على أعلى مستوى أكثر من الوزارات وأكثر من الهيئات وجعل لكل أمر مسئولا ولكل مسئول وزارة كبيرة تضم عمالا كُثر وكتبة وأفراد كُثر ثم انظر إليه كيف قام بالحضارة المعمارية فقد أنشأ مدينة ضخمة جدا تسمى بالزهراء وهي في الشمال الغربي لقرطبة واضطر لإنشاء هذه المدينة لاستقبال الوفود الكثيرة التي تطلب وُدَّه فأنشأها على طراز راق جدا على درجات مختلفة فالدرجة السفلى كانت للحراس والكتبة والعمال ثم درجة أعلى فيها الوزراء وكبار رجال الدولة ثم أعلى الدرجات وهي درجة فيها قصر الخلافة الكبير وهو في منتصف المدينة وأتى بمواد من القسطنطينية وبغداد وتونس وأوروبا وأنشأ قصر الزهراء ولم يبق في الإسلام قصر مثل قصر الزهراء فقد بالغ في إنشاءه حتى أصبح من معجزات زمانه وقد كان الناس يأتون من أوروبا ومن مختلف بلاد العالم الإسلامي فقط ليشاهدوا قصر الزهراء في مدينة الزهراء .

وانظر إلى مدينة قرطبة في عهد عبد الرحمن الناصر فقد اتسعت جدا وقد بلغ سكان قرطبة في عهد عبد الرحمن الناصر نصف مليون مسلم وهي بذلك ثالث أكبر مدينة في تعداد السكان في العالم بأسره والمدينة الأولى هي بغداد وكان عدد سكانها 2 مليون وفي مدينة قرطبة كان هناك 13 ألف دار والدار بلغة هذا الزمان هي دار واسعة ولها حديقة من حولها وكان فيها 28 ضاحية وكان فيها ثلاثة آلاف مسجد في مدينة واحدة مدينة قرطبة حتى أطلق عليها جوهرة العالم .

وسَّع عبد الرحمن الناصر في مسجد قرطبة فأصبح من آيات الفن المعماري في زمانه وكان المحراب على شكل قطعة رخام واحدة على شكل محارة وقد أتي بها من إيطاليا وأنشأ أيضا حدائق للحيوان في كل بلاد الأندلس وأنشأ مسارح للطيور .

ومن الناحية العسكرية أنشأ أسطولا بلغ أكثر من 200 سفينة وبلغ الجيش أكثر من 100 ألف فارس وزاد جدا من مصانع الأسلحة حتى كثرت في كل مدينة ومن الناحية الاقتصادية اهتم جدا بالزراعة وكثرت الفواكه واهتم بزراعة القطن والكتان والقمح واهتم بقوانين الزراعة وأيضا في مجال المناجم فاهتم باستخراج الذهب والفضة والنحاس واهتم بصناعة الجلود والسفن آلات الحرث والأدوية وأنشأ كثيرا من الأسواق وجعل هناك الأسواق التخصصية فهناك مثلا سوق للنحاسين وسوق للحوم وسوق للزهور فقد كان البلاد في عهد عبد الرحمن الناصر تعيش في رخاء ليس له نظير وكثرت الأموال حتى بلغت ميزانية الدولة في عهده إلى 6 مليون دينار ذهب فكان يقسمها ثلاثة أقسام كجده عبد الرحمن الداخل رحمه الله فكان يقسمها كالآتي:

ثلث للجيش .

ثلث للبناء والمعمار والمرتبات وما إلى ذلك .

ثلث للادخار لأي مصيبة قد تحدث .

ومن الناحية الأمنية قويت الشرطة في عهد عبد الرحمن الناصر وكانت هناك أيضا الشرطة التخصصية فشرطة للنهار وشرطة لليل وشرطة للتجارة وشرطة للبحر وهكذا فقد وزع في أقسامها وساد الأمان في البلاد ولم تقع ثورات أبدا في عهده الثاني في النصف الثاني من خلافته رحمه الله وأنشأ ما يعرف بمحاكم المظالم وهي شبيهة بمحاكم الاستئناف فطور المحاكم وأقام الشرع ولم يفرط أبدا في كلمة من كلمات الله أو كلمة من كلمات رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وازدهر البريد في عهد عبد الرحمن الناصر .

ومن الناحية العلمية شاع التعليم في عهده واهتم جدا بمكتبة قرطبة وقد أسست من قبله لكنه زاد جدا في حجمها حتى بلغ عدد الكتب في مكتبة قرطبة في زمان عبد الرحمن الناصر 400 ألف كتاب ونلاحظ أنه زمن ليس فيه طباعة فكل الكتب تقوم على النسخ فقط وظهرت للمسلمين وظائف عجيبة جدا في هذا الزمن فظهرت وظيفة النساخين فعندما يريد أحد الناس أن يمتلك كتابا في بيته يذهب إلى نساخ فيذهب النساخ إلى مكتبة قرطبة فينسخ له ما يريد ولم يكن هناك ما يسمى بحقوق الطبع فالكاتب كان يكتب الكتاب ويتمنى أن ينتشر هذا الكتاب ويقرأه الناس جميعا لأنه ما كان يكتب ذلك إلى ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى وظهرت أيضا وظيفة الباحثين فمسألة مثلا من مسائل الفقه أو العقيدة أو السيرة لكن من الصعب عليك أن تبحث في 400 ألف كتاب فتذهب إلى الباحثين الخبراء .

ذاعت شهرة عبد الرحمن الناصر في العالم كله ورضيت منه ممالك الشمال بالعهد والجزية وجاءت السفارات من كل أوروبا تطلب وده فجاءت سفارات من ألمانيا ومن إيطاليا ومن فرنسا ومن انجلترا بل وجاءت من بيزنطة وهي في أقصى بلاد الشرق وبعيدة جدا عن عبد الرحمن الناصر ولكن جاءت تطلب وده وتهدي له الهدايا ومن أشهرها جوهرة كبيرة كان يضعها في وسط قصره قصر الزهراء .

جاءته رسالة من ملك انجلترا يرجوه فيها أن يعلم أربعة من علماء انجلترا عنده في مكتبة قرطبة أو في جامعة قرطبة طلب منه هذا ثم وقع في آخر الرسالة خادمكم المطيع ملك انجلترا فانظر إلى عز الإسلام وانظر إلى مجده في عهد عبد الرحمن الناصر وأصبح عبد الرحمن الناصر بلا جدال أعظم ملوك أوروبا في القرون الوسطى حتى إن أسبانيا في سنة 1961 ميلادية أي منذ حوالي أربعون سنة من الآن احتفلت بمرور ألف سنة ميلادية على وفاة عبد الرحمن الناصر لأنه كان أعظم ملوك أسبانيا على مر العصور حتى على نصرانيتهم لم يستطيعوا أن يخفوا إعجابهم بهذا الرجل الذي رفعهم في العالمين فأصبحت أسبانيا في عهده أو الأندلس في عهده بلا جدال أقوى دولة في العالم أقوى من ممالك أوروبا ومن كل ممالك المسلمين .

ظل عبد الرحمن الناصر رحمه الله يحكم البلاد من سنة 300 هـ إلى سنة 350هـ أي نصف قرن كامل وكان رحمه الله مع كل هذا السلطان سريع الرجوع إلى ربه فحدث ذات مرة قحط شديد في الأندلس وخرج الناس للاستسقاء ولكنهم لم يجدوا الخليفة معهم فذهبوا يبحثون عنه فقد كان يقوم بهذه الصلاة المنذر بن سعيد فأرسل غلاما يبحث عن عبد الرحمن الناصر فذهب الغلام إلى القصر فوجده حائرا منفردا بنفسه لابسا أخشن الثياب جالسا على التراب ودموعه قد بللت لحيته يعترف بذنوبه ويقول ( يا رب هذه ناصيتي بيدك أتراك تعذب بي الرعية وأنت أحكم الحاكمين ؟ يا رب لم يفُتك شيء مني ) فتركه الغلام وذهب إلى المنذر وأخبره بذلك فقال ( يا غلام أبشر إحمل المطر معك فقد أذن الله تعالى بالسقيا إذا خشع جبار الأرض فقد رحم جبار السماء ) فرحم الله عبد الرحمن الناصر وبالطبع لم يقصد المنذر أن عبد الرحمن الناصر كان متجبرا على الناس ولكنه ملك الناس فإذا خشع هذا الملك فإن ملك الملوك سيرحم .

وتُوفي عبد الرحمن سنة 350 هـ عن اثنين وسبعين عاما ووجدوا في خزانته ورقة بخط يده قد عد فيه الأيام التي صفت له دون كدر فقال ( في يوم كذا من شهر كذا في سنة كذا صفا لي ذلك اليوم وفي يوم كذا من شهر كذا صفا لي ذلك اليوم ) فعدوا هذه الأيام فوجدوها أربعة عشر يوما فسبحان الله حياة طويلة في جهاد دائم مستمر فرحم الله عبد الرحمن الناصر ورزقنا من أمثاله الكثير .

استخلف عبد الرحمن الناصر على الحكم ابنه الحكم بن عبد الرحمن الناصر والذي تولى من سنة 350 هـ إلى سنة 366 هـ وفي عهد الحكم بن عبد الرحمن حدثت في الأندلس نهضة علمية غير مسبوقة فهذا الرجل كان عالما من العلماء وتولى الحكم وهو يبلغ من العمر 47 سنة وكانوا يلقبونه بعاشق الكتب وهو الذي أنشأ المكتبة الأموية وهي أعظم مكتبات القرون الوسطى على الإطلاق وكانت تنافس مكتبة قرطبة ومكتبة بغداد واستجلب لها أعظم الكتب من كل مكان في العالم وكان يدفع فيها الآلاف من الدنانير وكان له عمال وظيفتهم فقط أن يجمعوا الكتب من بلاد المسلمين ومن غير بلاد المسلمين فإن جاء كتاب في الطب أو في الهندسة أو الفلك من بلاد غير بلاد المسلم تُرجم فورا وضم إلى المكتبة الأموية وكان يحضر الكتب مهما بالغ الناس أسعارها حتى أنه أحضر النسخة الأولى من كتاب الأغاني للأصفهاني وهذا الكتاب في الأدب وأصفهان تلك في إيران فانظر للمسافة التي يأتي بالكتب منها فكثر النسخ في عصره وكان النسخ في عصره وظيفة النساء في البيوت واشتهرت النساء في الأندلس بحُسن خط اليد والرجال مشغولون في الجهاد وفي نشر العلم ومشغولون في البناء والمعمار فكانت هذه هي وظيفة النساء وكثرت طباعة الورق والكتب والتجليد والأحبار في الأندلس حتى كان باباوات إيطاليا يشترون الأوراق من الأندلس ليكتبوا عليها أناجيلهم وكذلك كل أوروبا كانت تستورد أشياء كثيرة من الأندلس .

وسع الحكم بن عبد الرحمن المكتبة وجعل لها أروقة عظيمة لتستوعب كثرة الحضور للمسلمين وزاد كثرة التعليم بشدة حتى أصبح في ذلك الزمان منذ أكثر من ألف عام كل أهل الأندلس يتعلمون القراءة والكتابة واختفت الأمية تماما في هذا العهد السحيق من العهود في تاريخ الإسلام وأنشأ أيضا دارا لتعليم الفقراء بالمجان وخصص المعونات والمكافئات للطلاب .

أنشأ جامعة قرطبة وقد كان العلماء قبل إنشائها يعملون أعمالا من التجارة ومن الزراعة والصناعة ثم هم يتعلمون ويعلمون ولكن الحكم بن عبد الرحمن الناصر جعل وظيفة التدريس وظيفة خاصة جدا فكان يجعلهم يتفرغون للتدريس ويتفرغون للتعليم حتى يبدعوا فيه وظنت ممالك أوروبا الشمالية وممالك الأندلس النصرانية الشمالية أن هذا الرجل يهتم بالعلم فقط على حساب الجهاد فهاجموا مناطق الشمال وخالفوا عهدهم الذي كانوا قد أبرموه مع أبيه عبد الرحمن الناصر فرد عليهم كيدهم في نحورهم وهاجمهم بغزوات كغزوات أبيه رحمه الله وانتصر عليهم في مواقع عدة حتى رضوا منه بالجزية من جديد .

ومن منطلق إسلامي بحت بدأ الحكم بن عبد الرحمن الناصر رحمه الله في حرب الدولة الفاطمية فلم يكن يملك الأندلسيون في عهد عبد الرحمن الناصر إلا ميناء سبتة وطنجة فقط لكن الحكم بن عبد الرحمن ضم كل بلاد المغرب جميعا إلى الأندلس تحت حكم الخلافة الأموية وظل الحكم بن عبد الرحمن الناصر يحكم من سنة 350 هـ إلى 366 هـ وهي أقوى فترات الأندلس على الإطلاق وأعظم عهودها .

ترى ماذا حدث في أواخر عهده رحمه الله وكيف سارت الأمور من بعده وكيف انتقلنا من هذا العهد إلى عهد جديد وهو يبدأ من سنة 366 هـ بوفاة الحكم بن عبد الرحمن الناصر وهذا ما سنعرفه في المرة القادمة .

هذا تلخيص لأحد دروس الشيخ راغب السرجاني عن الأندلس

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك