من خلال ماتم عرضه من ملامح التربية التى نشأ عليها صلاح الدين الأيوبى اتضحت بعض الأساليب التى من شأنها أن تعود بالفائدة على الشباب حاليا كما أفادت ذلك الشاب الصالح حتى أصبح بطلا مظفرا فيما بعد .
وباسترجاع المطلوب تنفيذه حتى الآن لكى تنهض الأمة من جديد نبدأ بتحديد أسباب نجاحنا وفشلنا فى أمور الحياة الدنيا والآخرة وينبغى كذلك الإقبال على عمل صغير أو كبير يكون من شانه المساعدة فى نهضة الأمة وذلك بالإضافة إلى زيادة إيماننا ورضانا بقضاء الله وقدره خيره وشره .
وفى الواقع فإن هذه المهام هى الأساس المطلوب تنفيذه عمليا وليس الغرض منها مجرد قراءتها لزيادة الإطلاع وحتى لو لم يستطع بعضنا أداءها بصفة متكاملة فالمهم هو الشروع فيها وإنجاز ما يمكن إنجازه .
أم صلاح الدين ... وصلاح الأم .
ومن خلال استكمال الحديث عن الأسس التربوية التى خضع لها صلاح الدين منذ نعومة أظافره نعرض أساليب التربية السليمة التى تؤدى إلى حسن تشكيل تفكير النشأ وضبط سلوكهم ونتيجة للمتغيرات الكثيرة المصاحبة لعصرنا هذا فقد أصبح ما ننشده من تنشئة سوية وإعداد صحيح أمر فى غاية الصعوبة ولذا يجدر بنا أن نأخذ العبرة مما كان حتى نحاكيه ونصل بأبنائنا إلى ما وصلت به أم صلاح الدين بابنها فقد أدركت هذه الأم قيمة القصة التى تروى للأطفال وتأثيرها على تكوين شخصيتهم ورغم المجهود المبذول طوال النهار والمسئوليات الملقاة على عاتقها فكانت تحرص على الجلوس بجوار ابنها كل ليلة وتوفر له من وقتها لتروى له القصة التى تهدف من خلالها إلى تغذيته بالقيم والمبادىء السليمة وما اشق هذا الأمر على أم زوجها غائب عن المنزل سواء فى أرض المعركة أو مشغولا بهموم الأمة الإسلامية أو بعمله الذى يتكسب منه نفقات حياته ومن هنا نلمس عن قرب أهمية الأم ودورها المحورى فى تنشئة الطفل نشأة سليمة حيث أنها تحتك بابنها طوال فترات اليوم على عكس الأب الذى لا يرى ابنه سوى لفترات قليلة ومتقطعة نظرا لتواجده بالعمل خارج المنزل وإنى أدعو الأمهات أن تتخذ من أم صلاح الدين مثالا يحتذى به فى تربيتهم لأولادهن والقدوة الحسنة فى القائمات على التربية ترجع إلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف كانت زوجات الصحابة يجتهدن فى تربية أبنائهن أثناء غياب أزواجهن فى الغزوات و السرايا والفتوحات حتى صار هؤلاء الأبناء من الصحابة الذين رضى الله تبارك وتعالى عنهم أو تابعين ساروا على نفس النهج السليم وكذلك يعظم دور المرأة فى المجتمع بكونها زوجة صالحة وأم واعية مصداقا لقول الشاعر :
" الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعب طيب الأعراق "
أبطال مسلمون حقيقيون وليس غربيون كرتون .
وبالقطع فإن رواية القصص للأطفال كأسلوب تربوى يهدف إلى غرس القيم يعتمد فى الأساس على الشخصيات النموذجية التى تجسد المثالية فى تلك القصص ولذلك كانت أم صلاح الدين تروى له عن عماد الدين زنكى وبطولاته وفتوحاته كما كانت تقص عليه سير الخلفاء العباسيين الذين جاهدوا فى سبيل الله من أمثال هارون الرشيد والمعتصم وغيرهما وشملت حكاياتها ورواياتها الكثير من أبطال الإسلام مثل معاوية بن أبى سفيان وقتيبة بن مسلم الباهلى وعقبة بن نافع وطارق بن زياد وموسى بن نصير وهكذا من خلال القصة التى ترويها الأم بأسلوب مبسط كانت تربط عقلية ابنها بقيم الإسلام المختلفة أما الآن فما هى الشخصيات التى ارتبط بها أطفالنا ؟ هل هى باتمان أم رامبو تلك الشخصيات الوهمية التى يصطنعها الغرب الأوروبى و الأميركى ؟ هل من المعقول أن نترك الماضى الثرى التقى ونلتفت إلى الرومى الوهمى الشقى ؟ لماذا لا نربط أطفالنا بالأبطال المسلمين ؟ .
على أثر الحكايات التى روتها الأم لإبنها عن البطولات التى حققها أمراء بنى أرطق ارتبطت نفسية صلاح الدين بهم وتعلم منهم الكثير وقد ظل أمراء هذه الإمارة يقاتلون الصليبيين لمدة ثلاثين عاما حتى سلّموا الراية إلى عماد الدين زنكى وكان سقمان بن أرطق أحد هؤلاء الأمراء الذين يستحقون أن ينظر إليهم بكل احترام وكان هذا الأمير قد بلغ السابعة والستين من عمره وهو مازال على ظهر الجواد كما كان قد أصيب بمرض أنهك صحته ومع ذلك كان يقود جنده فى الحروب القائمة بين إمارته و إمارة الرها ورغم أن كل المحيطين به كانوا يشفقون عليه وهو فى تلك الحال من المرض وكبر السن والتمسوا له الأعذار الشرعية إلا أنه رد عليهم قبل موته بيوم واحد بكلمته الشهيرة : " والله لا يرانى ربى متثاقلا عن الجهاد فى سبيله ألم تسمعوا قوله تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض " ]التوبة 9: 38 [
" انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " ]التوبة 9: 41 [
ولا شك أن رجلا بذلك القدر من تحرى الإخلاص لله عز وجل وباستشهاده فى آخر معركة خاضها لا بد له أن يعلق بذاكرة صلاح الدين فهما بلغ الإنسان المخلص من تعب أو كبر سن لا يمثل كل ذلك حائلا أمام أدائه فريضة افترضها المولى تبارك وتعالى عليه ولكن عند مقارنة ذلك التفانى مع ما يحدث اليوم من عدم الإلتزام مثلا بصلاة الفجر فى موعدها فى المسجد ولا سيما أن الأعذار كلها واهية فلا شك أن يزداد تقديرنا لمن تحرى تقوى الله و سعى لنيل رضاه .
ولا نغفل كذلك تضحيات بقية أمراء بنى أرطق ومنهم ايلى غازى شقيق سقمان والذى ظل يكافح من أجل وقف المد الصليبى إلى أن استشهد وهو لم يتعد الثامنة والعشرين من عمره .
وكان من ضمن الأمراء الذين ذكرتهم الأم لصلاح الدين الأمير بلك بن بهران الذى أصبح أمل المسلمين فى التصدى للصليبيين وتحرير الإمارات كلها و لكن كما قتل عماد الدين زنكى نتيجة الغدر والخيانة قتل أيضا بلك بن بهران غدرا وخيانة ومن غير قادة الصليبيين كانت له المصلحة فى التخلص من بلك بن بهران الذى كشفهم وفضحهم أمام شعوبهم ؟ .
ويتعلم صلاح الدين من هذا المثال مدى بشاعة الخيانة وأثرها السلبى البالغ على الأمة مما دعاه إلى توخى الحذر والحرص منها بقية حياته وكذلك فقد استخلص صلاح الدين من سماعه لقصص هؤلاء الأبطال أن الحياة تعد رخيصة عند العمل فى سبيل الله وكانت أم صلاح الدين تبين له أن الشهيد ليس له عند الله سبحانه وتعالى من جزاء سوى الجنة وفرح وسعادة دائمين وقرب من المولى العلى القدير والنظر إلى وجهه الكريم ومغفرة الذنوب ولنا أن نتخيل مدى السكينة والطمأنينة لله فى نفسية الطفل وهو يستمع إلى هذه التوجهات الدينية .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صدقة السر تطفئ غضب الرب ) . صحيح الجامع .
ومن المواقف التربوية لأم صلاح الدين مع ابنها موقف غرست من خلاله فى قلب ولدها الرغبة فى نيل البر فعندما تقدم له أمه الإفطار يدور بينهما الحوار التالى :
(الإبن) : ما شاء الله كم أحب اللحم مطهوا بهذه الطريقة طريقتك الخاصة يا أمى .
(الأم) : هل تحبه ؟ .
(الإبن) : نعم باسم الله .
(الأم) : لحظة يا بنى هذا ليس طعامنا سنتصدق به .
(الإبن) : أوليس لدينا طعام غيره نتصدق به يا أماه ؟ .
(الأم) : بل لدينا الكثير بفضل الله لكننا نحب هذا الطعام بعينه أكثر من غيره وتشتهيه أنفسنا الآن وهو أمامنا لذا سنتصدق به فإذا حرمنا منه ذقنا الحرمان الذى يكابده الفقير وإذا رضينا نلنا البر ألا تحفظ قول الله عز و جل :
" لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ] آل عمران 3 : 92 [ .
وهكذا فقد غرست الأم حب نيل البر فى نفسية ابنها من خلال تجربة عملية للتربية على المنهج الإسلامى وعودته منذ الصغر على الإيثار والتصدق و هو ما جعل صلاح الدين الأيوبى مغدقا بالصدقات حتى أن المستشرقين يأخذون على صلاح الدين كثرة تصدقه على شعوب المسلمين فى مصر والشام ومناطق أخرى وكلما امتلأت خزائن بيت مال المسلمين أخذ فى توزيع الأموال على الفقرء حتى تفرغ الخزائن من كل ما كان فيها .
وعليه فان أى سلوك يتعلمه الطفل فى الصغر يحفر بداخله مصداقا للمثل الشائع : " التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر " ولا تقوم بهذه الوظيفة السامية إلا أم عندها وعى ودراية بأسلوب متابعة الطفل وتغذيته بمعانى إيمانية وتربوية وسلوكية كثيرة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي وهي مسؤولة عنهم وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) متفق عليه .
ويقول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " ] الأنفال 8: 27[
فوفقا للآية الكريمة فإن الطفل يعد أمانة وقد خلق على الفطرة يوم سلمه الله العلى القدير لأبيه وأمه والمطلوب من الأب والأم أن يحسنا تشكيل أطفالهما فلا يعقل مثلا أن يعطيك شخصا مبلغا من المال على سبيل الأمانة ثم ترده إليه ناقصا ؟ ... بالتأكيد هذا لا يجوز وإلا تكون قد خنت الأمانة كذلك الأطفال فهم الأمل فى النهوض بالأمة من جديد ومن ثم تنشأ حاجتنا إلى استيعاب المفهوم الصحيح للتربية يقول الله فى كتابه الكريم : " و قل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا " ]الإسراء 17 : 24[ .
وتوضح لنا الآية القرانية ضرورة أن يطلب كل منا الرحمة لأبويه حيث أنهما ربياه عندما كان صغيرا بما فى التربية من مشقة وتحمل مسئولية تعليم الأطفال ما يرضى الله وما يغضبه والصواب والخطأ والحلال والحرام والسلوك السوى والسلوك المعيب والعكس صحيح فإن لم يعتن الأبوان بحسن تنشئة أولادهما فكيف يستحقان إذن أن يتضرع أبناؤهما لله تعالى بالدعاء لهما بالرحمة ؟ و يوضح الرسول الكريم للأبوين أنهما بتربية أبنائهما على البر سوف يكونان أول من يستفيد من بر أولادهما لهما واسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) . رواه مسلم ، وبالتالى فالمسئولية الملقاة على عاتق الأب والأم كبيرة وينبغى حسن إتيانها حتى تعم الفائدة على الأمة بأسرها .
وقد بدأ صلاح الدين حفظ القران الكريم وهو فى التاسعة من عمره على يد الإمامين النيسابورى وابن عصرون وعند غياب أستاذه كانت أم صلاح الدين تقوم هى بالتدريس له رغم المشاغل الأخرى الملقاة على عاتقها وفى الحادية عشر أتم صلاح الدين حفظ آيات الذكر الحكيم نتيجة لمتابعة الأم لإبنها و عليه فإن وجود الأب والأم بجوار أبنائهما ضرورى حيث أنهما يشكلان السلوك العام لأطفالهما .
معايير الشخصية السوية .
إذا أراد الأب أو الأم تقييم الشخصية السوية عند الإبن فيكون ذلك من خلال خمس نقاط محددة والتفكير الإيجابى يأتى فى طليعة الصفات التى تتيح للنشئ حسن التصرف سواء تواجدوا مع آخرين أو تواجدوا بمفردهم وذلك حتى يتعودوا على تحمل المسئولية ولذلك فقد استطاع صلاح الدين وهو فى الخامسة عشر من عمره أن ينقذ قافلة عصمت الدين خاتون زوجة نور الدين محمود عند تعرض اللصوص لها وأن يصل بها إلى الشام بسلام والمعيار الثانى للتقييم يكمن فى اهتمامات الطفل وعلى سبيل المثال ما هى البرامج التليفزيونية التى تستهويه ؟ وما هى الصفحة التى يسرع الإبن إلى قراءتها بالجريدة ؟ ما هى المواضيع التى يتحدث فيها مع من هم فى نفس عمره ؟ فيم يقضى وقته ؟ وهكذا يتضح إن كانت اهتماماته تقف عند حد الترفيه أم أن هناك انتقالا نوعيا يؤدى إلى اهتمامه بالجوانب الحياتية الهامة ويكمن المقياس الثالث فى ما لدى الطفل من مهارات حتى تتثنى مساعدته على تنميتها فإذا أهملت المهارات حرم الطفل من التفوق فى مجال يستطيع التميز من خلاله عن غيره من الأطفال ورابعا ينبغى تقييم علاقات الأبوين بالإبن للتأكد أنها تسير فى الإتجاه الصحيح من ثواب وعقاب بدلا من أن تكون مجرد تسلط مطلق من الأبوين أو تعبير عن مشاعر فياضة وأخيرا وليس آخرا للتعرف على قدوات الطفل يكفى ملاحظة الشخصيات الرئيسية ومحور حديثه واهتماماته .
فإذا جاءت تلك المعايير بنتائج إيجابية يطمئن الأبوان لحسن تربيتهما لأبنائهما وأصبح من حقهما أن يطمحا فى إخراج عضو مؤثر فى المجتمع ولا ينبغى الإعتقاد بأن تربية النشئ يقتصر على رعايتهم من حيث المأكل والملبس والتنزه والإنفاق عليهم إنما تقع كل تلك الأمور تحت بند الرعاية وليس التربية و التربية هى عبارة عن إضافة لجانب إيجابى أو محو لعنصر سلبى .
وإذا انتقلنا إلى مرحلة أبعد من مراحل التربية السليمة للطفل ألا و هى قدرته على القيادة وجب التأكد من وجود أربع صفات به الصفة : وهى الذكاء وبطبيعة الحال فإن كل الآباء والأمهات يرون فى ولدهم طفلا ذكيا ولكن المحك الحقيقى يكون من خلال اختبار يبين قدرات الطفل و تتجلى الصفات القيادية الأخرى فى المبادرة والجرأة والجدية .
والغرض من عرض جملة هذه المقومات الإيجابية هو حث أولياء الأمور على التثقف والإطلاع على كتب التربية وذلك كله يرجع إلى حقيقة أن السبع سنين الأولى من حياة الطفل هى الأهم على الإطلاق فى حياة أبنائنا ولذا حرص والد ووالدة صلاح الدين على تنظيم وقته ما بين تحفيظ القران الكريم و تعليم الأحاديث النبوية الشريفة وحضوره لمجالس والده من جانب وممارسة الفروسية ولعب الكرة من جانب آخر هذا بالإضافة إلى أوقات الأكل و الإستماع إلى القصة التربوية والنوم .
اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك .
من خلال أحد المواقف يتضح أن نجم الدين ايوب كان موفقا فى غرس المفاهيم الدينية من تقوى وتحرى تقوى الله عز و جل فى نفسية ابنه فقد جاءت أم صلاح الدين ذات يوم تستأذن زوجها فى السماح لإبنهما يوسف بالتغيب عن صلاة الجماعة بالمسجد ليومين أو ثلاثة نظرا لمرضه وارتفاع درجة حرارته وكان الغلام ما زال فى العاشرة أو الحادية عشر من عمره وإذا كانت الأم قد استأذنت الأب فى ذلك الأمر رغم مسئولياته المتعددة فهذا دليل على أهمية متابعة انتظام الأولاد على الصلاة بالمسجد وفعلا أذن نجم الدين لصلاح الدين أن يرتاح مدة مرضه بالمنزل وبعد أيام قليلة وعند عودته إلى المنزل وجد الأب ابنه يجرى ويلعب مع الأطفال فأدرك أن الصبى قد شفى من مرضه وفى فجر اليوم التالى انتظر الأب حضور ابنه بالمسجد لأداء الفريضة ولكن صلاح الدين لم يحضر فهرول نجم الدين إلى المنزل ودخل غرفة صلاح الدين ماسكا عصا فى يده ودار بين الأب والإبن الحوار التالى :
(الأب) : قم يا بنى فالصلاة حاضرة .
(الإبن) : سأقوم للصلاة يا والدى .
(الأب) : تمهل يا بنى أخفت من العصا أم من ربك ؟ .
وبذلك يكون الأب قد علم ابنه أن الخشية إنما تكون من الله عز وجل الذى بيده مقادير الأمور كلها وعلى هذا الأساس لابد أن تكون تصرفات المسلم و هو فى منأى عن نظر الآخرين على نفس الأسلوب والنهج الذى هو عليه أمام الناس وذلك لأن الله السميع العليم علينا رقيب وفى الواقع فإن تعلم تحرى تقوى الله يبدأ من الصغر كما يتعلم الطفل الكلمات البسيطة .
كان أحد السلف الصالح يعلم ابن أخته وهو فى السابعة من عمره أن يردد عدة مرات قبل نومه أن الله يراه وينظر إليه حتى غرست تلك الكلمات فى نفسية الصبى وعندما وصل الولد إلى الحادية عشر سأله خاله : " إذا كنت على يقين بأن الله سبحانه وتعالى يراك فكيف تجرؤ على معصيته وعلى اغضابه ؟ " .
تقييم الذات وإصلاح العلات .
وحتى تعود مثل تلك القيم إلى مجتمعنا ينبغى أن نراجع أنفسنا ففى أحيان كثيرة نفعل عكس ما نقول وبالتالى ينعكس ذلك على الأبناء الذين يسمعون الأب أو الأم يتحدثون عن الأمانة ثم يكذبون ولا يوفون بالوعد ولذلك لابد من تصفح الكتب الخاصة بالتربية ونلزم أنفسنا بما فيها من منهج قويم نسير نحن عليه ونعلمه لأبنائنا .
ولا مانع من إجراء استفسار مبدئى مع النفس نقيم فيه المعايير الخمسة السابق ذكرها للشخصية السوية ولكن هذه المرة نختبر بها ذاتنا ولسوف تحدد نتائج هذه المعاييرإذا ما كان ولى الأمر مؤهلا للقيام بدوره التربوى أم لا وبداية فليراجع كل منا إيجابيته فى التصرف ورد الفعل فهل فعلا لكل منا الثوابت التى يتمسك بها مهما تعرض لضغوط ؟ ثم يتم إلقاء الضوء على الإهتمامات لأن ما يراه الطفل مقبلين عليه ومشغولين به سيكون لافتا لنظره وربما أقبل عليه هو الآخر ومن المهم كذلك عمل وقفة مع الذات لإعادة اكتشاف المهارات الشخصية التى تميز الشخص عن غيره والإقبال على تنميتها بما يعود بالفائدة على الذات وعلى الآخرين وفى مجال المعاملات هل لدى الفرد منا القدرة على التواصل مع الآخرين وإقامة علاقات سليمة معهم ؟ وفيما يخص إعجابنا واتباعنا لشخصية شائعة أو مميزة فمن هى تلك الشخصية التى يعتبرها الإنسان قدوة له فى أفكاره وتصرفاته ؟ وهل هذه القدوة صالحة وتعتبر مثالا يحتذى به عند السعى للفوز بالجنة أم هى قدوة فى السلوك المعيب الذى يغمر صاحبه فى حب الدنيا وينسيه الآخرة ؟ .
فالمطلوب إذن هو إجراء هذا النوع من الإستقراء للذات من خلال وقفة صادقة مع النفس إذا كنا نسعى بالفعل لتربية جيل يخرج منه من يكون صلاحا لدينه وليس مأخوذا عليه .
هذا تلخيص لأحد دروس الدكتور ياسر نصر
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وما احوجنا الى مثل تلك الموضوعات للتنشئة والنجاح فيما اخفقت انا به من الحفاظ على بيت المقدس
ردحذفالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :
ردحذف" الأم !. مدرسة !. اذا أعددتها !!
اذا اعددتها : بليون خط تحت هذه العبارة !.
وسينتهي الجهل !. عندما يقدم كل شئ علي حقيقته !!