الخميس، 30 أكتوبر 2008

قضية الختان

من وقت لآخر يتحفنا الإعلام المصري بموجة هجوم إعلامي على الختان وكأن القضية هي قضية حياة أو موت بالنسبة للمصريين وكأنهم يرتكبون جرما شديدا في حق فتياتهم واصفا الختان بأنه بدعة وليس من الدين في شيء بل وأفتى بذلك بعض من يدعي أنهم من العلماء والعجيب في الأمر أننا ما إن اطلعنا على أقوال أهل العلم ممن سبقونا من السلف الصالح لم نجد أحدا منهم قد أنكر الختان للإناث كما هو حادث الآن فهؤلاء الذين زعموا أن الختان للإناث ليس من الدين في شيء اخترعوا رأيا جديدا في دين الله وكأن كل من سبقوهم من العلماء قد ضلوا وهم أصحاب الفكر السديد الرشيد وكأني هنا أسمع قول نبيي محمد صلي الله عليه وسلم فعن حذيفة بن اليمان قال كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني قال قلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم وفيه دخن . قلت وما دخنه ؟ قال قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر . قلت فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها . قلت يا رسول الله صفهم لنا . قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا . قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم . قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك . ( متفق عليه ) . وفي رواية لمسلم قال يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس . قال حذيفة قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال تسمع وتطيع الأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع .

فالحاصل في عصرنا ذلك هو وجود أناس يدعون العلم ويفتون بفتاوى غريبة وعجيبة ننكرها عليكم فليست من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وكأن المطلوب من محاربة الختان وغيره من السنن هو ما جاء في قوله صلوات ربي وسلامه عليه إذ يقول ( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة ) . رواه ابن حبان في صحيحه والحديث صحيح . ومعنى الحديث أنه مرور الوقت سيزداد مخالفة الناس لأوامر الدين أمرا أمرا وسيبدأون بمخالفة الحكم بشرع الله وسينتهون بترك الصلاة وها نحن ذا قد فرطنا في الحكم بشرع الله وفي الصلاة وأيضا في أمر الختان وغيرها من الأمور مثل ترك السنن وإتباع النصارى واليهود في أعيادهم وعاداتهم والله المستعان .

موضوع الختان أصبح موضوعا محيرا إذ ادعى كثير من الناس إنه يضر الفتاة ويؤذيها ولكن في الحقيقة ليس كل الختان يؤذي الفتاة وادعوا أن الأحاديث التي وردت في الختان كلها ضعيفة ولم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل وقالوا أن بلدا كالسعودية لا تعرف الختان وأقصد ختان الإناث لأنه ليس من الدين وأن له آثارا نفسية سيئة على الفتاة .

فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب ) . متفق عليه .

والفطرة في الحديث فسرها أكثر العلماء بالسنة ، قال النووي رحمه الله : تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب . والسنة هنا هي الطريقة المتبعة ، وقد اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة كما ثبت ذلك في حديث متفق عليه ، وقال تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ) . [النحل:123] . وقد اختلف الأئمة رحمهم الله في حكمه بعد اتفاقهم على مشروعيته .

فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد ومالك والشافعي وأحمد هو واجب ، وشدد فيه مالك حتى قال من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة، حتى قال القاضي عياض: الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.....من كتاب تحفة المولود لابن القيم .

وقال ابن قدامة رحمه الله عنه في ( المغني ): إن الختان واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن .

وقال الإمام الشافعى هو فرض على الذكور والإناث وقال الإمام أحمد هو واجب فى حق الرجال .

وفى النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب .

إذن هناك خلاف بين العلماء هل هو واجب أم مستحب للنساء .

ما سبق من هذه المعلومات يمكنك أن تجده في فتوى للشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله وكانت بتاريخ 29 يناير سنة 1981م ، في موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصرية وفتاوى لجنة الأزهر .

وسئل شيخ الإسلام عن المرأة هل تختتن أم لا؟

فأجاب الحمد لله نعم تختتن وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك ( تسمى البظر ) ، قال رسول الله للخافضة وهي الخاتنة ( أشمي ولا تنهكي فانه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزوج ) يعني لا تبالغي في القطع وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة ولهذا يقال في المشاتمة يا بن القلفاء فان القلفاء تتطلع الى الرجال أكثر ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل فإذا قطع بغير مبالغة حصل المقصود باعتدال والله أعلم . انتهى .

وفي كتاب مراتب الإجماع لابن حزم يقول عن العلماء: واتفقوا على إباحة الختان للنساء . أي أنهم أباحوه ولم يحرموه أو قالوا إنه ليس من الدين .

وردا على ما قيل من بعض الناس أن أحاديث الختان الخاصة بالنساء لم يصح منها شيء فيقول الشيخ الألباني رحمه الله :
قد صح قوله صلى الله عليه وسلم لبعض الختانات في المدينة : ( اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى للزوج) . رواه أبو داود والبزار والطبراني وغيرهم وله طرق وشواهد عن جمع من الصحابة خرجتها في " الصحيحة " (أي في السلسلة الصحيحة للألباني) ببسط قد لا تراه في مكان آخر وبينت فيه أن ختن النساء كان معروفا عند السلف خلافا لبعض من لا علم بالآثار عنده . وإن مما يؤكد ذلك كله الحديث المشهور : (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) وهو مخرج في " الإرواء " ( رقم 80 ) . قال الإمام أحمد رحمه الله : ( وفي هذا دليل على أن النساء كن يختن ) . انظر " تحفة المودود في أحكام المولود " . لابن القيم ( ص 64) .انتهى.

وفي هذا الحديث ( اخفضي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج) .
خرجه السيوطي بأنه حديث صحيح .

وفي الحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) .
قال الألباني أنه ( صحيح ) .
وتخريج السيوطي أنه صحيح .

وفي كتاب لسان العرب لابن المنظور يقول في معنى الحديث الذي قاله النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- لأُم عطية: ( إِذا خَفَضْتِ فأَشمِّي)
.
أَي: إِذا خَتَنْتِ الجاريةَ فلا تَسْحَتي الجاريةَ.( معنى تسحت أن تستأصل هذا الجزء بل يجب إزالة شيء يسير منه ) .
والخَفْضُ: خِتانُ الجارية ( الفتاة ) .

ويقول أيضا لا تُبالغي في استقصاء الختان ولا في إِسْحاتِ مَخفِضِ الجارية، ولكن اخْفِضِي طُرَيفَه.
ويقول أيضا أي: اقطعي بعضَ النَّواةِ ولا تستأْصليها .

إذا يطلق لفظ الختان على الفتاة وكذلك الرجل ويمكن تمييز الفتاة أيضا بأن يقال خفض بدلا من الختان وإن كان الكلمتان بمعنى واحد ولا داعي لأن نقول أن هناك فرقا بين الختان والخفض .

كان هذا من الناحية الدينية أما من الناحية الطبية فلكم ما هو آت:

فيقول د. محمد نور الدين عبد السلام في استشارة له على موقع إسلام أون لين عن الختان:

( إنه في عملية الختان ينبغي عدم الإسراف في القطع، حيث إن الأجزاء التي يقتطع منها هي الأجزاء الحساسة التي تثير المرأة، فإن كان الختان يتم بهذه الصورة فلا ضرر منه في المستقبل على شعور المرأة ووصولها إلى درجة الإشباع الجنسي. أما عن المرأة التي لم تجرِ لها عملية الختان، فهي المرأة الطبيعية التي لم تتدخل في خلق الله سبحانه وتعالى، فهي قطعًا تصل إلى الإشباع الجنسي، ولكن كلمة ( بسرعة ) ليست كلمة دقيقة، حيث إنها نسبية تختلف من واحدة إلى أخرى .

وأودُّ أن أنبِّه إلى أن الوصول إلى الإشباع الجنسي يرتبط بعوامل كثيرة غير موضوع الختان ( مع أهميته طبعًا )، مثل رغبة المرأة أولاً في الجماع، وعدم انشغالها بأمور أخرى أو مشكلات تُبْعدها عن الاستمتاع بالمعاشرة الزوجية، ومدى حبها وقربها من زوجها، وطريقة الزوج في مداعبتها، إلى آخر ذلك من الأمور
) .

يتبين لنا من هذا أن الختان من الناحية الدينية متوافق تماما مع الختان من الناحية الطبية فهذا قال لابد يكون القطع بدون مبالغة والطبيب أيضا قال مثل هذا فليس فيه ضرر إن شاء الله على الفتاة كما يزعم بعض الناس فهذا هو الختان الذي نقصده والذي هو في ديننا بل من الفطرة أيضا.

فالختان أمر مطلوب شرعا ومحمود في شريعة الله ولا يسبب البرود الجنسي إلا إن كان قد حصل بطريقة غير صحيحة أما إن حدث بطريقة صحيحة فإنه لا يؤدي إلى البرود الجنسي وليس له أي أثر سيء على الزواج بل هو أفضل ومن أسباب استمرار الزواج ودوامه والله أعلم .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتحفني برأيك